للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثال آخر لهذا إنكارها على رواية أبي هريرة في المرأة التي عُذبت في هِرة، فقالت: "إن المرأة كانت كافرة" ورأت أن المؤمن أكرمُ عند الله من أن يعذبه من جري هِرة (١) على حسب اجتهادها.

قال النووي: "فظاهر الحديث أنها كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بسبب الهرة" (٢).

وقال الشيخ يوسف القرضاوي (٣).

"أنكرت عائشة أم المؤمنين على أبي هريرة تحديثه بهذا الحديث بصيغته وحسبت أنه لم يَضْبِط لفظه حين سمعه من النبي . وحجة عائشة أنها تستكثر أن يُعذب إنسان مؤمن من أجل هرة! وأن المؤمن أكرم على الله من أن يدخله النار من أجل حيوان أعجم!.

وغفر الله لعائشة، لقد غفلت عن شيء هنا في غاية الأهمية، وهو ما يدلُّ عليه العمل، إن حبس الهرة حتى تموت جوعًا، لهو برهانٌ ناصع على جمود قلب تلك المرأة وقسوتها على مخلوقات الله الضعيفة، وأن أشعة الرحمة لم تنفذ إلى حناياها، ولا يدخل الجنة إلا رحيم، ولا يرحم الله إلا الرحماء، فلو رحمت من في الأرض لرحمها من في السماء.

إن هذا الحديث وما جاء في معناه ليعد فخرًا للإسلام في مجال القيم الإنسانية، التي تحترم كل مخلوق حي، وتجعل في رعاية كل كبد رطبة أجرًا.


(١) انظر استدراكها على أبي هريرة (الحديث الثالث) من هذا الكتاب.
(٢) شرح مسلم للنووي، ١٤/ ٢٤٠.
(٣) كيف نتعامل مع السنة النبوية للقرضاوي، ص ٤٦ - ٤٧، ١٩٩٠ - المنصورة.