للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما ردَّت فتوى عبد الله بن عمرو بن العاص بقولها: "يا عجبًا لابن عمرو، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟! لقد كنتُ أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد، وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات" (١).

وكما أنكرت لما ذكر عندها ما يقطعُ الصلاة: الكلب والحمار والمرأة، فقالت: "قد شبهتمونا بالحمير والكلاب؟! " وفي رواية أخرى: "عدلتمونا بالكلاب والحمر؟! " (٢).

وهناك مقياسٌ آخر في منهج نقدِ السيدة لا بد أن نذكره هُنا، وهو عرضُ الرواية على رأيها أو بعبارة أخرى على اجتهادها الفقهي. والفرقُ بين العرض على عقلها والعرض على رأيها هي أنها في الأولى تنكر الرواية فورًا بصريح العقل فقط بأنها مخالفة للمعقول، وفي الثانية تنكرها نتيجة رأيها واجتهادها الفقهي بعدما تذكر الظروف والأسباب.

مثاله ما رواه أصحابُ الأصول في قضية التحصيب - أي النزول بالأبطح عند النفر - نزل رسول الله به. فذهب أبو هريرة وابنُ عمر إلى أنه على وجه القربة، فجعلوها من سِنن الحج، وذهبت عائشة وابن عباس إلى أنه على وجه الاتفاق، وليس من السنن (٣).

وكان ابن عمر يرى التحصيب سنة ويروي أن النبيَّ وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح (٤). وأما عائشة فتنظر إلى القضية برأيها،


(١) أخرجه مسلم (٧٤٧) والنسائي (٤١٦) وابن خزيمة ١/ (٢٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥١٤) ومسلم (١١٤٢ - ١١٤٤) وأحمد (٢٥٩٢٩).
(٣) حجة الله البالغة للدهلوي ١/ ٤٠٩ - ٤١١.
(٤) أخرجه مسلم في الحج (٣١٦٧ - ٣١٦٨).