للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السهيلي في "الروض" (١): "وعائشة لم تَحْضَرْ، وغيرُها ممن حضر أحفظُ للفظه وقد قالوا له: يا رسول الله "أتخاطِبُ قومًا قد جيَّفوا أو أُجيفوا فقال: "ما أنتُمْ بأسمعَ لما أقولُ منهم".

وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين، جاز أن يكونوا سامعين، إما بآذان رؤُوسهم إذا قُلنا: إن الروح تُعادُ إلى الجسد، أو إلى بعضه عند المسألة وهو قولُ جمهور أهلِ السنة (٢)، وإما بأُذن القلب أو الروح على مذهب مَنْ يقولُ بتوجهِ السؤال إلى الروحِ من غير رجوعٍ منه إلى الجسد أو إلى بعضه.

قال: "وقد رُوِيَ أن عائشة احتجَّت بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَن فِي القُبُورٍ﴾ [فاطر: ٢٢] وهذه الآية كقوله: ﴿أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِى الْعُمْيَ﴾ [الزخرف: ٤٠] أي إن الله هو الذي يَهْدِي ويُوَفِّق ويُوصِلُ (٣) الموعظةَ إلى آذان القلوبِ لا أنت، وجعل الكفار أمواتًا وصُمًّا على جهة التشبيه بالأموات وبالصم، فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاءَ (٤)، فلا تَعلُّق لها في الآية لوجهين: أحدهما: أنها إنما نزلت في دُعاء الكفارِ إلى الإيمان، الثاني: أنه إنما نفى عن نبيه أن يكونَ هو المسمع لهم، وصدقَ الله، فإنه لا يسمعهم إذا شاءَ إلا هو (٥).


(١) "الروض الأنف" ٥/ ١٧٤ - ١٧٦.
(٢) في "الروض": قول الأكثرين من أهل السنة.
(٣) وقع في النسخة المطبوعة: ويدخل وهو تحريف. أثبتناه من (أ) و (ب): و "الروض".
(٤) في "الروض" زيادة هنا: "لا نبيُّه ولا أحد فإذا لا تعلق لها في الآية من وجهين".
(٥) في "الروض" زيادة أخرى: ويفعل ما شاء وهو على كل شيء قدير.