للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصله في البخاري (١) من رواية يوسفَ بن ماهَك عن عائشة دونَ ما في آخره، وأما الذي أرادته عائشة ولم تُسَمِّه فلم يُوقف له على اسم.

وأنكر الزجاجُ (٢) نزولها في عبد الرحمن، لأنه أسلم وحَسُنَ إسلامُه، وقال: الصحيحُ أنها نزلت في الكافر العاق وهذا مروي عن الحسن البصريّ وعن قتادة: أنه نعتُ عبد سوءٍ عاقٍّ لوالديه.

وقال الزمخشري في "الكشاف" (٣): نزولُها في عبد الرحمن باطل: ويشهد له أن المراد بالذي قال: جنس القائلين ذلك أيضًا، وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ﴾ [الأحقاف: ١٨] إلى آخرها، لا يناسِبُ ذلك عبدَ الرحمن، إلا أن المهدوي (٤) قال: يحتملُ أن يكونَ هو، وذلك قبلَ إسلامه وأن الإشارة بـ ﴿أُولَئِكَ﴾ [الأحقاف: ١٨] للقوم الذين أشار إليهم المذكور بقوله: ﴿وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي﴾ [الأحقاف: ١٧] فلا يمتنِعُ أن يقعَ ذلك له قبل إسلامه. قال شيخنا شيخ الإسلام شهابُ الدين بن حجر (٥): ولكن نفيَ عائشة أن تكونَ نَزَلَتْ في عبدِ الرحمن وآلِ بيته، أصحُّ إسنادًا، وأولى بالقبول" فإنَّه نقل أيضًا أنها نزلت في أخيه عبد الله.


(١) أخرجه البخاري في التفسير باب ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ إلى قوله: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأحقاف: ١٧] (٤٨٢٧) عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز - استعمله معاوية - فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئًا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي﴾ فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
(٢) في "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج أبي إسحاق إبراهيم السري المتوفى سنة ٣١١ هـ ٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤.
(٣) في "الكشاف" ٣/ ٤٤٦ لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفى سنة ٥٣٨ هـ.
(٤) هو أبو العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي المغربي النحوي اللغوي المفسر المتوفى نحو سنة ٤٤٠ هـ. انظر: "الأعلام" للزركلي ١/ ٨٤ - ٨٥ و "معجم المؤلفين" للكحالة، ٢/ ٢٧.
(٥) في "الفتح" ٨/ (٤٨٢٧).