للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرب تبارك وتعالى حي حياة كاملة لم يسبقها عدم، ولا يعتريها نقص، ولا يعقبها فناء؛ بل هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وهاتان الصفتان ذاتيتان لله سبحانه ثابتتان بالكتاب والسنة، كما سبق بعض أدلتها في كلام الشيخ - رحمه الله - السابق:

فمن الكتاب:

- قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)} آل عمران: ٢.

- وقال تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} طه: ١١١.

ومن السنة:

- عن يسار بن زيد عن أبيه - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف) (١).

- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جالساً ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئِل به أعطى) (٢).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " فنفي أَخْذ السِّنَة والنوم له مستلزم لكمال حياته وقيوميته، فإن النوم ينافي القيومية، والنوم أخو الموت؛ ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون" (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى هو اسم الحي القيوم، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة؛ لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات، ونقصان


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار برقم (١٥١٧)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١٦٢٢).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء برقم (١٤٩٥)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (١/ ٢٧٩) (١٣٢٦).
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) (٥/ ١٢٦).

<<  <   >  >>