للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة يضر بالأفعال وينافي القيومية؛ فكمال القيومية لكمال الحياة؛ فالحي المطلق التام لا يفوته صفة الكمال البتة، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة " (١).

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -: " وقوله: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} البقرة: ٢٥٥، هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري، ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ومن تمام حياته وقيوميته أن {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} البقرة: ٢٥٥، والسنة النعاس" (٢).

واسم الله القيوم يدل باللزوم على الوجود والبقاء والغنى بالنفس وسائر أنواع الكمال في الذات والصفات والأفعال، جميع الأسماء الحسنى تدل على صفة الحياة باللزوم ما عدا الحي فإنه يدل عليها بالتضمن كذلك القول في اسم الله القيوم؛ فإن جميع الأسماء الحسنى تدل على صفة القيومية باللزوم ما عدا القيوم فإنه يدل عليها بالتضمن، ولولا صفة الحياة والقيومية ما كملت بقية أسمائه وصفاته وأفعاله فدوام الحياة والقيومية من دلائل دوام الملك والربوبية وكمال الصفات الإلهية (٣).

وقد أحسن ابن قيم الجوزية حين وصف ذلك في النونية فقال:

وله الحياة كمالها فلأجل ذا ... ما للممات عليه من سلطان

وكذلك القيوم من أوصافه ... ما للمنام لديه من غشيان

وكذاك أوصاف الكمال جميعها ... ثبتت له ومدارها الوصفان

فمصحح الأوصاف والأفعال والأ ... سماء حقا ذانك الوصفان

ولأجل ذا جاء الحديث بأنه ... في آية الكرسي وذي عمران


(١) الطب النبوي (ص ١٥٩).
(٢) تفسير السعدي (١/ ١١٠).
(٣) ينظر: أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة، د. محمود عبد الرازق الرضواني (٢/ ١٥٧).

<<  <   >  >>