للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} الشورى: ١١ " (١).

وقبل ترجيح أي من القولين السابقين لا بُدَّ من التذكير بقاعدتين هامتين هما:

الأولى: أن الواجب في نصوص الكتاب والسنة إجراؤها على ظاهرها، دون التعرض لها بتحريف أو تعطيل، لا سيما نصوص الصفات، لأنه لا مجال للرأي فيها (٢).

الثانية: أن المراد بظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق آخر (٣).

وبناءً على ما تقدم، فإن لفظ الهرولة وإن كان معناه: الإسراع في المشي، إلا أنه لا يقتضي أن يكون هذا معناه المراد منه في كل سياق ورد فيه، وإنما السياق هو الذي يحدد معناه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو يتحدث عن قرب الله تعالى: " ولا يلزم من جواز القرب عليه، أن يكون كل موضع ذكر فيه قربه يراد به قربه بنفسه، بل يبقى هذا من الأمور الجائزة، وينظر في النص الوارد، فإن دلَّ على هذا حمل عليه، وإن دل على هذا حمل عليه" (٤).

فالهرولة في هذا الحديث معناها: مجازاة الله تعالى وإثابته لعبده بأكمل وأفضل من عمله -على ما جاء في القول الأول- وليس المراد بها: المشي السريع، فتثبت صفة لله تعالى، كما أن تقرب العبد بالشبر والذراع لا يراد به حقيقة الشبر والذراع، وإنما يراد به قدرهما، وإلا فما موضع العبادات القلبية - والتي هي من أعظم العبادات وعليها تنبني


(١) ينظر: إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار (ص ٢٤)، القواعد المثلى (ص ٧٢)، صفات الله - عز وجل - الواردة في الكتاب والسنة (ص ٢٦٢).
(٢) ينظر: القواعد المثلى للعثيمين (ص ٣٣).
(٣) ينظر: القواعد المثلى (ص ٣٦)، ونقض الدارمي على المريسي (١/ ٣٤٤).
(٤) مجموع الفتاوى (٦/ ١٤).

<<  <   >  >>