للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام محمد بن خزيمة: "باب: ذكر أخبار ثابتة السند في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة: نشهد شهادة مقرٍ بلسانه، مصدقٍ بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نُزول الرب، من غير أن نصف الكيفية؛ لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله جل وعلا لم يترك، ولا نبيه عليه السلام، بيان ما يحتاج إليه المسلمون من أمر دينهم؛ فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول، غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصف لنا كيفية النزول.

وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه ينزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلى إلى أسفل" (١).

وقال أبو القاسم اللالكائي: "سياق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب تبارك وتعالى، رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرون نفساً" (٢).

وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب إلى السماء الدنيا، ورواه عنه نحو ثمانية وعشرين صحابياً. وهذا يدل على أنه كان يبلغه في كثير من المواطن، مما يؤكد أنه نزول حقيقي يليق بالله سبحانه وتعالى (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " والقول المشهور عن السلف عند أهل السنة والحديث: هو الإقرار بما ورد به الكتاب والسنة من أنه يأتي وينزل، وغير ذلك من الأفعال اللازمة" (٤).

ونزول الرب -سبحانه وتعالى- الثابت له بالأدلة المتقدمة على تسعة أنواع هي: نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة، وعشية عرفة، وليلة النصف من شعبان، وبعد أن


(١) ينظر: كتاب التوحيد (١/ ٢٨٩).
(٢) أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٤٣٤)، ينظر: التسعينية لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣/ ٩١٤).
(٣) ينظر: حكاية التواتر، وذكر الصحابة الذين رووه، وطرقه في مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٣٦٦)، (٢/ ٣٧١ - ٣٨٢)، مجموع الفتاوى (٥/ ٥٧٧ - ٥٧٨).
(٤) مجموع الفتاوى (٥/ ٥٧٧)، ينظر: صفة النزول الإلهي للجعيدي (ص ٢٢٣).

<<  <   >  >>