للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنادى مناد لا نراه يقول يا سرحان أرسله فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} الجن: ٦ (١)، ثم قال وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل وهو ولد الشاة كان جنيا حتى يرهب الإنسي ويخاف منه ثم رده عليه لما استجار به ليضله ويهينه ويخرجه عن دينه والله تعالى أعلم.

وقال سعيد بن جبير: ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك (٢).

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر؟ فأجاب - رحمه الله - بقوله: " لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم، بل يسأل الأطباء المعروفين، وأما اللجوء إلى الجن فلا .. لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم، لأن في الجن من هو كافر ومن هو مسلم ومن هو مبتدع، ولا تعرف أحوالهم فلا ينبغي الاعتماد عليهم ولا يسألون، ولو تمثلوا لك، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} الجن: ٦، ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم، وذلك كله من الشرك" (٣).

قد تؤدي الاستعانة بالجن إلى حصول خلل في العقيدة؛ فترى المستعين يلجأ إليهم ويتعلق بهم تعلقا يبعده عن الخالق سبحانه وتعالى؛ يتمادى الأمر بالمستعين إلى طلب أثر وغيره؛ وينزلق في هوة عميقة تؤدي إلى خلل في العقيدة، وانحراف في المنهج والسلوك، مما يترتب عن ذلك غضب الله وعقوبته (٤)؛ وإن صحة العقيدة وسلامة المنهج أهم من صحة الأبدان وسلامتها.


(١) ينظر: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (١٥٧٦٢)، والعقيلي في الضعفاء الكبير باب إسحاق، حديث رقم (١٧٣)، وقال عنه الهيتمي في مجمع الزوائد (٧/ ٣٧): فيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي وهو ضعيف.
(٢) ينظر لما سبق: تفسير الطبري (٢٩/ ١٠٨ - ١٠٩)، وتفسير السعدي (١/ ٨٩)، وتفسير ابن كثير (٤/ ٤٢٩)، وتفسير القرطبي (١٩/ ١٠).
(٣) مجلة الدعوة - العدد ١٦٠٢ ربيع الأول ١٤١٨ هـ (ص ٣٤)، ينظر: السحر والشعوذة للشيخ صالح الفوزان (ص ٨٦ - ٨٧).
(٤) ينظر: القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين (ص ١٢٦)، وكتب عقيدة أهل السنة والجماعة بشكل عام.

<<  <   >  >>