للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين الشيخ - رحمه الله - عند قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} الجن: ٦: " بأن المعنى أنه كان رجال من الإنس يستجيرون بالجن إذا نزلوا وادياً مخيفاً فيقولون: نعوذ بسيد هذا الحي من سفهاء قومه، فزاد الإنس الجن طغياناً وكبراً، أو زاد الجن الإنس ذعراً وخوفاً ليستمروا على الاستعاذة بهم، وهذا من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى" (١).

قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} الجن: ٦

قال مقاتل: كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ثم من بني حنيفة ثم فشا ذلك في العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم، ومعنى الآية أي كان الإنس يعوذون بالجن عند المخاوف والأفزاع ويعبدونهم فزاد الإنس الجن رهقا أي طغيانا وتكبرا لما رأوا الإنس يعبدونهم ويستعيذون بهم ويحتمل أن الضمير وهو (الواو) يرجع إلى الجن أي زاد الجن الإنس رهقا؛ وقوله {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم معنى: ذلك أي خوفا وإرهاباً وذعراً حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذا بهم وقيل: ازدادت الجن عليهم بذلك جرأة، وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ}،قال: كان رجال من الإنس يبيت أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول أعوذ بعزيز هذا الوادي فزادهم ذلك إثما؛ وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معنى ذلك فزاد الإنس الجن بفعلهم ذلك إثما وذلك زادوهم به استحلالا لمحارم الله، وعن كردم بن أبي السائب الأنصاري (٢)،

قال: خرجت مع أبي من المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فآوانا المبيت إلى راعي غنم فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي جارك


(١) تفسير الجلالين (ص ٢٢٠)، وينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٢٥٥).
(٢) هو: كردم بن قيس بن أبي السائب بن عمران بن ثعلبة، يقال إن له صحبة وقيل إنه من التابعين، يروى المراسيل روى عنه عبد الرحمن ابن إسحاق عن أبيه عنه.

ينظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (٥/ ٥٧٧) رقم الترجمة (٧٣٩٤)، والثقات لابن حبان (٣/ ٣٥٥)، (٥/ ٣٤١).

<<  <   >  >>