للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس أن المراد بالحديث أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن، وهذا كثير ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة " (١).

يقول ابن خلدون: "سحر التخيل هو أن يعمد الساحر إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف، ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكاة وصوراً مما يقصده من ذلك، ثم ينزلها إلى الحس من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه، فينظر الراؤون كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك" (٢).

قال الشنقيطي - رحمه الله -: " من أنواع السحر هو التخيلات والأخذ بالعيون ومبنى هذا النوع منه على أن القوة الباصرة قد ترى الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة لبعض الأسباب العارضة. ولأجل هذا كانت أغلاط البصر كثيرة .. ولا يخفى أن يكون سحرة فرعون من هذا النوع. فهو تخييل وأخذ بالعيون كما دل عليه قوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)} طه: ٦٦، فإطلاق التخييل في الآية على سحرهم نص صريح في ذلك. وقد دل على ذلك أيضاً قوله في الأعراف: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)} الأعراف: ١١٦، لأن إيقاع السحر على أعين الناس في الآية يدل على أن أعينهم تخيلت غير الحقيقة الواقعة، والعلم عند الله تعالى" (٣).

"٤ - ويطلق السحر أيضاً على التعوذ بالجن والاستعانة بهم على نفع إنسان أو إصابته بضر من مرض أو تفريق أو بغض أو حب أو فك سحر ونحو ذلك، وحكمه أنه كفر أكبر؛ لما فيه من اللجوء والاستعانة بغير الله والتقرب إلى الجن" (٤).


(١) فتح الباري (١٠/ ٢٢٧).
(٢) مقدمة ابن خلدون (ص ٤٩٨) ٠، ينظر: بدائع التفسير لابن القيم (٥/ ٤١٢)، إعجاز القرآن في علاج السحر والحسد ومسّ الشيطان لمحمد محمود عبد الله (ص ٨٥).
(٣) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٤/ ٣٥، ٤٣ - ٤٤).
(٤) فتاوى اللجنة (١/ ٥٤٤ - ٥٤٧، ٥٦٣).

<<  <   >  >>