للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"٣ - ويطلق السحر أيضاً على التخييل وإيهام الناظر إلى الشيء أنه يتحرك مثلاً مع أنه لا يتحرك، وهذا من الإيهام والتدجيل، وهذا النوع من السحر حرام؛ لما فيه من التمويه والتلبيس واللعب بالعقول، وهذا النوع من أنواع الكفر الأكبر، وهو سحر سحرة فرعون" (١).

أثبتت النصوص القرآنية والحديثية هذا النوع من أنواع السحر، يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)} الأعراف: ١١٥ - ١١٦، قال الطبري: " وذكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم، فخيل حينئذ إلى موسى أنها تسعى" (٢).

وقد ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (سُحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله) (٣).

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: " قال المازري (٤):

- عن إنكار بعض المبتدعة لهذا الحديث - وهذا كله مردود، لأن الدليل قد قام على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه، فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين، قال: وقد قال بعض


(١) فتاوى اللجنة (١/ ٥٤٤ - ٥٤٧، ٥٦٣).
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (ص ٨/ ٤٣٣).
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الطب باب السحر برقم (٥٧٦٣)، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب السلام باب السحر برقم (٢١٨٩).
(٤) هو: أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي، كان بصيراً بعلم الحديث، له معرفة بالطب، ألف في الفقه والأصول والحديث وغيرها، توفي - رحمه الله - سنة (٥٣٦ هـ)، وله تصانيف من أشهرها: المعلم بفوائد مسلم.

ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ١٠٩)، والسير (٢٠/ ١٠٤)، وشذرات الذهب (٤/ ١١٤).

<<  <   >  >>