للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصلاة عند القبور لها حالات ثلاث هي:

الحالة الأولى: أن يقصد بصلاته الصلاة لصاحب القبر، وصرف العبادة له، فهذا هو الشرك بعينه، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} الجن: ١٨، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} البينة: ٥، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)} الزمر: ٦٥.

الحالة الثانية: أن يقصد بالصلاة عند القبور التبرك ببقعة معينة فهذا بدعة، وهو محادة الله ورسوله، وهو محرم، سواء كان القبر في قبلته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تصلوا إلى القبور ...) (١) أم لم يكن في قبلته، فكل هذا ابتداع في دين الله، وقد أجمع المسلمون على أن الصلاة عند القبور - أي قبر كان- لا فضل فيها، ولا مزية خير أصلاً، بل مزية شر. (٢) وقال صاحب تيسير العزيز الحميد: " إن الصلاة عند القبور وإليها، من اتخاذها مساجد، الملعون من فعله وإن لم يبن مسجداً، فتحرم الصلاة في المقبرة وإلى القبور ... " (٣).

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " بل أئمة الدين متفقون على النهي عن ذلك، وأنه ليس لأحد أن يقصد الصلاة عند قبر أحد، لا نبي ولا غير نبي، وكل من قال: إن قصد الصلاة عند قبر أحد، أو عند مسجد بني على قبر أو مشهد أو غير ذلك، أمر مشروع بحيث يستحب ذلك، ويكون أفضل من الصلاة في المسجد الذي لا قبر فيه، فقد مرق من الدين وخالف إجماع المسلمين، والواجب أن يستتاب قائل هذا ومعتقده، فإن تاب وإلاّ قتل" (٤).


(١) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، ينظر: صحيح مسلم مع شرح النووي (٧/ ٣٨).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام (٢/ ٦٨٠ - ٦٨١).
(٣) تيسير العزيز الحميد (ص ٣٢٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٨٨).

<<  <   >  >>