للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحالة الثالثة: أن يصلي عند القبور اتفاقا من غير أن يقصد التوجه لغير الله بالصلاة، أو يقصد بركة البقعة، وهذه المسألة قد اختلفت أقوال العلماء فيها، فهناك من أجازها كما يروى عن الإمام مالك (١) - رحمه الله - وهناك من حكم عليها بالكراهة كالإمام الشافعي (٢) - رحمه الله - وهو مذهب الأحناف (٣) لمظنة النجاسة وهناك (٤) من حرمها (٥) لأنها ذريعة للشرك وعبادة أصحاب القبور، وهذا هو أرجح الأقوال، وأصحها، وهو الذي دلت عليه النصوص الشرعية، ويلائم مقاصد الشرع الحكيم.

د_ البناء على القبور.

ويقرر الشيخ - رحمه الله -: " بأن البناء على القبور بدعة منكرة، فيها غلو في تعظيم من دفن في ذلك وهو ذريعة إلى الشرك، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي الهياج حيان بن حصين (٦) قال: (قال لي علي - رضي الله عنه -: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا تدع صورة إلاَّ طمستها ولا قبراً مشرفاً إلاَّ سويته) (٧)، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -: (أنه نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) (٨) " (٩).


(١) ينظر: المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس (١/ ٩٠).
(٢) ينظر: الأم للشافعي (١/ ٩٢).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني الحنفي (١/ ٣٣٦).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٤)، واقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٧٧٥ - ٧٧٦).
(٥) قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -: " عِلَّة النَّهي بالنسبة للصلاة في المقبرة خوفُ أن تكون ذريعة لعبادة القبور، والصَّلاة على سطح الحجرة التي في المقبرة قد تكون ذريعة، ولا سيَّما أنَّ البناء على المقابر أصله حرام فيكون صَلَّى على بناء محرَّم للعِلَّة التي نُهيَ عن الصلاة في المقبرة من أجلها".
ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (٢/ ٢٤٩).
(٦) هو: حيان بن حصين الأسدي أبو الهياج ثقة من الطبقة الثالثة.
ينظر: تقريب التهذيب لابن حجر (ص ١٢٤).
(٧) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب الأمر بتسوية القبر برقم (٩٦٩).
(٨) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم (٩٧٠).
(٩) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٤١٣ - ٤١٦).

<<  <   >  >>