للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عين ما يفعله عبّاد القبور، الذين يذهبون إلى قبور الأنبياء والأولياء، ويفعلون عندها من الشركيات ما لا يعلمه إلا الله، من الطواف حولها، واستلامها، وتقبيلها، وتعفير الخدود على ترابها، وغير ذلك، وهذا كله مما حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أشد التحذير، ونهى عنه؛ ولذلك فإن إجازة السفر لزيارة قبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قد يترتب عليها هذه المحاذير، ومن هنا فإنه يقال بعدم جواز ذلك سداً لذريعة الشرك، وحماية لجانب التوحيد، وتمشياً مع ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - (١).

هـ - الذبح عند القبور.

قال الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله -: "الذبح لله عند القبور تبركاً بأهلها وتحري الدعاء عندها وإطالة المكث عندها رجاء بركة أهلها والتوسل بجاههم أو حقهم ونحو ذلك بدع محدثة، بل من وسائل الشرك الأكبر، فيحرم فعلها ويجب نصح من يعمله. أما الذبيحة عند القبور تحرياً لبركات أهلها فهو منكر وبدعة لا يجوز أكلها؛ حسماً لمادة الشرك ووسائله، وسداً للذريعة، وإن قصد بالذبيحة التقرب إلى صاحب القبر صار شركاً بالله أكبر ولو ذكر اسم الله عليها؛ لأن عمل القلوب أبلغ من عمل اللسان وهو الأساس في العبادات" (٢).

لا شك في أن الذبح لله تعالى عبادة يقصد بها تعظيمه سبحانه والتذلل له والتقرب إليه، فصرفها لغير الله شرك أكبر ودليله، قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ} الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من ذَبَحَ لغير الله) (٣).


(١) منهج الإمام ابن الصلاح لعبد الله بن أحمد الغامدي (ص ١٦٠ - ١٦١).
(٢) فتاوى اللجنة (١/ ٤٣٥).
(٣) أخرجه مسلم كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (١٩٧٨) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>