للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (١٥)} الرعد: ١٥، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)} الحج: ٧٧، وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} الفتح:٢٩.

يقول ابن تيمية - رحمه الله -: " وبالجملة فالقيام والركوع والسجود حق للواحد المعبود خالق السموات والأرض، وما كان حقاً خالصاً لله لم يكن لغيره منه نصيب ... فالعبادة كلها لله وحده لا شريك له، قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} البينة: ٥" (١).

وقال المقريزي (٢)

عند قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} الفاتحة: ٥: " وبالجملة فالعبادة المذكورة في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} هي السجود والتوكل والإنابة والتقوى والخشية والتوبة والنذر والحلف والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والاستغفار وحلق الرأس خضوعاً وتعبداً، والدعاء، كل ذلك محض حق الله تعالى" (٣).

قال ابن تيمية - رحمه الله - في مسألة السجود لغير الله ووسائلها -: " نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وقال: (فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار) (٤)، ونهى عن تحري الصلاة في هذا الوقت، لما فيه من مشابهة الكفار في الصورة، وإن كان المصلي يقصد السجود لله لا للشمس، لكن نهى عن المشابهة في الصورة


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٩٣).
(٢) هو: أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد، أبو العباس المقريزي، البعلبكي الأصل، المصري المولد والوفاة، الحنفي ثم الشافعي، تفقه وبرع، ونظر في عدة فنون، وأُولع بالتاريخ فجمع منه شيئاً كثيراً، له مصنفات عديدة منها: الواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ويعرف بخطط المقريزي، وله تجريد التوحيد المفيد، توفي سنة (٨٤٥ هـ).

ينظر: شذرات الذهب (٧/ ٢٥٤)، والبدر الطالع (١/ ٧٩)، والأعلام (١/ ١٧٧)، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (٢/ ٢١).
(٣) تجريد التوحيد (ص ٢٢)،وينظر: تطهير الاعتقاد للصنعاني (ص ٢٨) باختصار.
(٤) أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده برقم (٣٢٧٣)، ومسلم كتاب المسافر ومواضع الصلاة باب أوقات الصلوات الخمس برقم (٦١٢).

<<  <   >  >>