للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية، من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (وفر من المجذوم كما تفر من الأسد) فلأن هذه الأمور تعدي بطبعها، وإلاَّ فقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من الأمراض سبباً لحدوث ذلك؛ ولهذا قال: (وفر من المجذوم كما تفر من الأسد)، وقال: (لا يورد ممرض على مصح) (١)،وقال في الطاعون: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه) (٢)، وكل ذلك بتقدير الله تعالى" (٣).

والطيرة في اللغة: مصدر تطير يتطير تطيراً وطيرة.

وهي التشاؤم بالطير (٤)، وأصله فيما يقال: التشاؤم بالسوانح والبوارح (٥) من الطيور، ثم صار عاماً في كل مكروه من قول أو فعل أو مرئي (٦).

وأما في الاصطلاح:

"فالتطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع" (٧).

وقد وردت النصوص الشرعية بالنهي عنها والتحذير منها.

"والطيرة من الشرك المنافي لكمال التوحيد الواجب، لكونها من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته. والتطير من عمل أهل الجاهلية والمشركين. وقد ذمَّهم الله به ومقتهم، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التطير، وأخبر أنَّه شرك. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله


(١) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ... برقم (٢٢٢١).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الحيل باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون برقم (٦٩٧٣)، ومسلم في كتاب السلام باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها برقم (٢٢١٩) من حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -.
(٣) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٦٥٦ - ٦٥٨).
(٤) ينظر: معجم مقاييس اللغة (ص ٦٣٠)، الصحاح (٢/ ٧٢٨)، لسان العرب (٤/ ٥١١)، القاموس المحيط (ص ٥٥٥).
(٥) السانح: ما مر من مياسرك إلى ميامنك، والبارح عكسه.
ينظر: شرح السنة للبغوي (١٢/ ١٧٠)، النهاية في غريب الحديث (٣/ ١٥٣)، غريب الحديث لابن الجوزي (٢/ ٤٨).
(٦) ينظر: شرح السنة (١٢/ ١٧٠)، التمهيد (٩/ ٢٨٢)، شرح صحيح مسلم (١٤/ ٢١٨)، فتح الباري (١٠/ ٢١٢).
(٧) مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٤٦)، وينظر: تفسير القرطبي (١٦/ ١٨١)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ٦٧)، الدرر السنية (١١/ ٤١).

<<  <   >  >>