للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: أنا خيرُ قسيم لمن أشرك بي، فمَن أشرك بي شيئاً فإن حشدَّه عمله قليلهِ وكثيره لشريكه الذي أشرك به. وأنا عنه غني) (١)، ثم قال: وأما إن كان أصل العمل لله، ثم طرأ عليه نية الرياء: فإن كان خاطراً ثم دفعه، فلا يضرُّه بغير خلاف، وإن استرسل معه فهل يُحبِط عملَه أم لا، ويُجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلافٌ بين العلماء من السلف، قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير، ورجَّحا أن عمله لا يبطل بذلك، أنه يُجازى بنيَّته الأولى، وهو مروي عن الحسن وغيره.

فأما إذا عمل العمل لله خالصاً ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك، لم يضره بذلك. وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمدُه الناس عليه، فقال: (تلك عاجِلُ بشرى المؤمن) (٢) " (٣).

قال ابن القيم - رحمه الله -: " وأما الشرك الأصغر؛ فكيسير الرياء، والتصنُّع للمخلوق، والحلف بغير الله، وقولِ الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك. وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا، وقد يكون هذا شركاً أكبر بحسب حال قائله ومقصده" (٤).


(١) أخرجه أحمد برقم (١٦٦٩١)، والطبراني في المعجم الكبير برقم (٧١٣٩)، وقال صاحب ذخيرة الحفاظ محمد بن طاهر المقدسي: " رواه شهر: عن عبد الرحمن بن غنم، عن شداد بن أوس. وشهر ضعيف" (٤/ ٢٣٢٩).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره برقم (٢٦٤٢).
(٣) جامع العلوم والحكم شرح حديث إنما الأعمال بالنيات (ص ١٦).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>