للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال حافظ حكمي (١)

- رحمه الله -: " ومن أنواع العبادة الاستغاثة بالله عز وجل وهي طلب الغوث منه تعالى من جلب خير أو دفع شر قال الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} الأنفال: ٩، وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)} النمل: ٦٢ الآيات ... ، ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السموات والأرض برحمتك (٢) أستغيث) (٣)، وفي الطبراني

بإسناده من حديث ثابت بن الضحاك أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - منافق يؤذي

المؤمنين فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا المنافق

فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله) (٤) (٥) ... وغير ذلك من


(١) هو: حافظ بن أحمد بن علي بن أحمد الحكمي، عالم متفنن، سلفي المعتقد، من مؤلفاته: معارج القبول، وأعلام السنة المنشورة، الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة، توفي سنة (١٣٧٧ هـ).

ينظر: الشيخ حافظ بن أحمد حكمي، د. أحمد علوش.
(٢) الاستغاثة بالصفة: من الأمور الجائزة، فيمكن للإنسان أن يقول "اللهم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله"، وهذا وارد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)، وهذه استغاثة بالرحمة وهي صفة من صفات الله. كذلك يجوز للإنسان أن يستعيذ بالصفة، والاستعاذة بالصفة مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) فهذه استعاذة بالعزة والقدرة، ومثل قوله: (أعوذ بكلمات الله التامات) أخرجه مسلم، فهذه استعاذة بالصفة، فتكون الاستعاذة بالصفة جائزة. وكذلك الحلف بالصفة جائز، مثل وعزة الله، وقدرة الله، وجلال الله، وكلام الله، وحياة الله، ولكن لا ينبغي التوسع في هذا الباب.
ينظر: شرح دالية أبي الخطاب الكلوذاني للدكتور: هاني بن عبد الله بن جبير (ص ٤٠).
(٣) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب ما جاء في عقد التسبيح باليد برقم (٣٥٢٤) بلفظ: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)، حسنه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٢٧٩٦).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٣١٧)، وابن سعد في الطبقات (١/ ٣٨٧) بغير هذا اللفظ من حديث عبادة بن الصامت؛ قال ابن تيمية في كتاب الاستغاثة (ص ١٥٢): وهو صالح للاعتضاد ودل على معناه الكتاب والسنة.
(٥) " وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله) نصٌ على أنه لا يستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا بمن دونه. كره - صلى الله عليه وسلم - أن يستعمل هذا اللفظ في حقه، وإن كان مما يقدر عليه في حياته؛ حمايةً لجانب التوحيد، وسداً لذرائع الشرك، وأدباً وتواضعاً لربه، وتحذيراً للأمة من وسائل الشرك في الأقوال والأفعال. فإذا كان هذا فيما يقدر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته، فكيف يجوز أن يستغاث به بعد وفاته، ويطلب منه أمور لا يقدر عليها إلا الله - عز وجل -. ويعرضون عن الاستغاثة بالرب العظيم القادر على كل شيء، الذي له الخلق والأمر وحده، وله الملك وحده، لا إله غيره، ولا رب سواه قال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} الأعراف: ١٨٨، وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١)} الجن: ٢١.فأعرض هؤلاء عن القرآن، واعتقدوا نقيض ما دلت عليه هذه الآيات المحكمات، وتبعهم على ذلك الضلال الخلق الكثير والجمُّ الغفير. فاعتقدوا الشرك بالله ديناً، والهدى ضلالاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون".
ينظر: فتح المجيد (١٩٢ - ١٩٣).

<<  <   >  >>