للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحاديث" (١).

الثاني: الاستغاثة بالأموات أو بالأحياء القادرين على الإغاثة ولكنهم غير حاضرين فهذا شرك؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفا خفيا في الكون فيجعل لهم حظاً من الربوبية، قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)} النمل: ٦٢.

قال ابن القيم - رحمه الله -: " ومن أنواع الشرك طلبُ الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فضلاً عمن استغاث به أو سأله أن يشفع إلى الله، وهذا ممن جهله بالشافع والمشفوع له عنده" (٢).

وبين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حقيقة خداع الشيطان لمن يستغيثون بغير الله، فيقول: " ومن هؤلاء من يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت، سواء كان ذلك المخلوق مسلماً أو نصرانياً أو مشركاً، فيتصور الشيطان بصورة ذلك المستغاث به، ويقضي حاجة ذلك المستغيث فيظن أنه ذلك الشخص، أو هو ملَك تصور على صورته، وإنما هو شيطان أضله لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تدخل في الأصنام وتكلم المشركين" (٣).

الثالث: الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم، قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى


(١) معارج القبول (٢/ ٤٥٣)، ينظر: منهاج السنة النبوية (٨/ ٨١)، مجموع فتاوى ابن باز (٥/ ٣٢٨).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٣٤٦)، ينظر: الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف، للصنعاني، عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (ص ٧٧).
(٣) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية (ص ٤٢٩).

<<  <   >  >>