للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -:

يقرر الشيخ - رحمه الله - المعنى الصحيح لحديث توسل الأعمى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واستشفاعه به أن يرد الله تعالى بصره (١)؛

فيقول: "بيّن ابن تيمية (٢) - رحمه الله - أنه على تقدير صحته فليس فيه دليل على التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل فيه التوسل إلى الله بدعائه - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يرد إلى هذا الأعمى بصره" (٣).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الأعمى شفع له النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلهذا قال في دعائه: (اللهم فشفعه في) فعلم أنه شفيع فيه، ولفظه: (إن شئت صبرت، وإن شئت دعوت لك) فقال: ادع لي، فهو طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي ويدعو هو أيضاً لنفسه ويقول في دعائه: (اللهم شفعه في)، فدل ذلك على أن معنى قوله: (أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد) أي: بدعائه وشفاعته، كما قال عمر - رضي الله عنه -: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا).

فالحديثان معناهما واحد: فهو - صلى الله عليه وسلم - علم رجلاً أن يتوسل به في حياته كما ذكر عمر - رضي الله عنه - أنهم كانوا يتوسلون به إذا أجدبوا ثم إنهم بعد موته إنما كانوا يتوسلون بغيره بدلاً عنه.

فلو كان التوسل به حياً وميتاً سواء، والمتوسل به الذي دعا له الرسول كمن لم يدع له الرسول، لم يعدلوا عن التوسل به وهو أفضل الخلق وأكرمهم على ربه وأقربهم إليهم وسيلة- إلى أن يتوسلوا بغيره ممن ليس مثله.


(١) أن رجلاً ضريراً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال: " إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك" فقال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا رسول الله يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى، اللهم فشفعه في"

أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب في دعاء الضيف برقم (٣٥٧٨)، والنسائي في كتاب الزينة، ما يقول إذا راعه شيء، برقم (١٠٤٢٠)، صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٢٨٣٢).
(٢) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١/ ٣٢٥).
(٣) ينظر: فتاوى اللجنة (١/ ٥٢٦ - ٥٣٠).

<<  <   >  >>