للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا بعد إذنه لقوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} البقرة: ٢٥٥، ولكن هذا الجاه والحرمة سبب أجنبي عن المتوسل ولا علاقة بينه وبين إجابة الدعاء، بل هذا من الاعتداء بالدعاء. وهذا الجاه والحرمة ينفع المتوسل إذا دعوا له وشفعوا فيه. فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، لم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له؛ لأن الله لم يجعله سبباً لإجابة الدعاء (١).

وعليه فالشيخ - رحمه الله - يقرر عدم جواز التوسل بيوم من الأيام، فيقول: "أما التوسل بيوم من الأيام مثل (أدعوك ربي بحق يوم عرفه) وما شابهه، فلا يجوز، لأنه توسل بمخلوق فهو ذريعة إلى الشرك، ولأن ذلك مخالف للأدلة الشريعة، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (٢) " (٣).

٣ - الإقسام على الله بالمتوسل به: ومثاله أن يقول المتوسل اللهم إني أقسم عليك بفلان أن تقضي حاجتي، وهذا لا يجوز لأن الأصل في القسم والحلف أن يكون بالله تعالى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من كان حالفاً فليحلف بالله، أو ليصمت) (٤)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بغير الله فقد أشرك) (٥)، فيتعين أنه لا يجوز القسم بمخلوق على مخلوق؛ فكيف يجوز الحلف بالمخلوقات على الخالق الذي هو أجل وأعظم من أن يقسم عليه بمخلوقاته، بل هو الذي يقسم به على مخلوقاته سبحانه وتعالى (٦).


(١) ينظر: قاعدة جليلة (٥٥ - ٥٦)، شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٦٢).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (١٧١٨).
(٣) فتاوى اللجنة الدائمة (١/ ٥١٩ - ٥٢٠).
(٤) جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الإيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم برقم (٦٦٤٦).
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (٥٣٥٢)، أبو داود في كتاب الأيمان والنذور باب كراهية الحلف بالآباء برقم (٣٢٥١)، والترمذي في كتاب الأيمان والنذور باب في الكراهية الحلف بغير الله برقم (١٥٣٤) وحسنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة الكاملة (٥/ ٤١) والإرواء برقم (٢٦٢٧)، وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٦) ينظر: قاعدة جليلة (١٠٦،١٠٨)، والتوصل إلى حقيقة التوسل (ص ١٧٧)، وشرح الطحاوية (ص ٢٦٢).

<<  <   >  >>