للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قائم يخطب، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فرفع رسول الله؛ يديه ثم قال: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ...). وهذا في حال حياته فقط عليه الصلاة والسلام.

ثانياً: التوسل الممنوع:

هو توسل العبد إلى الله سبحانه وتعالى بوسيلة لم ترد بالكتاب والسنة، كالتوسل إلى الله بذوات الأنبياء والملائكة والصالحين والعرش والكرسي والكعبة (١).

ولهذا التوسل ثلاثة أوجه هي:

١ - التوسل بوسيلة سكت عنها الشرع، وهو في الواقع محرم، وفيه نوع من الشرك ويتلخص في التوسل بذوات الأموات: كأن يقول المتوسل: اللهم إني أتوسل إليك بالنبي أن تقضي حاجتي (٢). وهذا النوع لم يرد في الكتاب والسنة ما يدل على صحة التوسل به، بل إن السنة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين ترده ففي حديث الاستسقاء قال عمر - رضي الله عنه -: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) (٣). فهذا يدل على أنهم كانوا يتوسلون بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس بذاته؛ لأنه لو كان التوسل بالذات لتوسلوا به بعد موته؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعظم من ذات العباس، ولكن التوسل كان بالدعاء وليس بالذات وهذا في حياته، وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره وشفاعة غيره. فعلم أن المشروع عند الصحابة التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته (٤).

٢ - التوسل إلى الله بجاه أحد الخلائق أو حقه أو حرمته: كأن يقول المتوسل: اللهم إني أتوسل إليك يجاه فلان أو بحق فلان عندك أن تقضي حاجتي. وهذا الوجه من التوسل يقضي أن المتوسل به من الأنبياء والصالحين وغيرهم لهم جاه عند الله وهذا صحيح؛ فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة تقضي أن يرفع الله درجاتهم ويعظم أقدارهم


(١) ينظر: قاعدة جليلة (ص ١٠٧)، والتوصل إلى حقيقة التوسل (ص ١٧٦).
(٢) ينظر: قاعدة جليلة (٤٩ - ٥٠)، والتوصل إلى حقيقة التوسل (ص ١٧٧).
(٣) أخرجه البخاري كتاب فضائل الصحابة باب ذكر العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - برقم (٣٧١٠).
(٤) ينظر: قاعدة جليلة (ص ١٠٥)، وتلخيص الاستعانة المعروف بالرد على البكري لابن تيمية (١٢٩ - ١٣٠).

<<  <   >  >>