للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلاَّ أن تدعوا الله بصالح أعالكم. فدعى كل واحد منهم الله وتوسل بعمل صالح فعله ابتغاء وجه الله، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون (١).وكذلك التوسل إلى الله - عز وجل - بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره وحاجته (٢) كقول موسى - عليه السلام -: قال تعالى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)} القصص: ٢٤.

والثاني: التوسل بالعمل الصالح من أجل الحصول على ثواب الله وجنته ورضوانه؛ لأن الأعمال الصالحة التي أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بها هي الوسيلة التامة لله والدار الآخرة. ومثل هذا كقول المؤمنين عند قول الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣)} آل عمران: ١٩٣، وأصل العمل الصالح بل أصل الإيمان والإسلام هو الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته، لذا كان التوسل بالإيمان به وطاعته توسلاً مشروعاً.

٣ - التوسل بدعاء الغير: إن طلب الدعاء مشروع من كل مؤمن لكل مؤمن (٣) كما في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أويس (٤): (فمن لقيه منكم فليستغفر لكم) (٥) كذلك فإن الصحابة عليهم رضوان الله كانوا يطلبون من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لهم كما في الصحيحين (٦)، عن أنس - رضي الله عنه - قال: دخل رجل المسجد يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) أخرجه البخاري في كتاب الإجازة، باب من استأجر أجير، فترك الأجير أجره، فعمل فيه المستأجر فزاده ... ، برقم (٢٢٧٢)، ومسلم كتاب الرقاق، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال، برقم (٢٧٤٣)؛ من حديث عبد الله بن عمر.
(٢) منهج الإمام ابن الصلاح في تقرير العقيدة والرد على المخالفين عرضاً ودراسة لعبدالله الغامدي (ص ١٤٨).
(٣) قاعدة جليلة (ص ١٣٤).
(٤) هو: أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرداوي اليمني، أبو عمرو سيد التابعين في زمانه، القدوة الزاهد، رحل إلى الحج وزار المدينة ولقي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واستغفر له، ثم رحل إلى الكوفة توفي في معركة صفين.
انظر: حلية الأولياء (٢/ ٧٩ - ٨٧)، السير (١٩ - ٣٣).
(٥) أخرجه مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أويس القرني - رضي الله عنه - برقم (٢٥٤٢).
(٦) أخرجه البخاري كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في خطبة غير مستقبل القبلة برقم (١٠١٤)، ومسلم كتاب صلاة الاستسقاء باب الدعاء في الاستسقاء برقم (٨٩٧).

<<  <   >  >>