للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فقد بين الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - بأنه لا بد من: "الاقتداء بسلف هذه الأمة في خير قرونها، بأن تمر نصوص الأسماء والصفات كما جاءت وتفسر بمعانيها التي تدل عليها حقيقة في لغة العرب التي بها نزل القرآن وكانت لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع تفويض العلم بكيفيتها إلى الله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} الشورى: ١١،ولا يلزم من ذلك تشبيه الله بعباده؛ ونؤمن بذات لله تعالى على الحقيقة، مع الكف عن الخوض في كنهها.

وذلك لأن الله أعلم بنفسه من خلقه وأرحم بهم منهم بأنفسهم وكلامه أبلغ كلام وأبينه، وله سبحانه الحكمة البالغة فيستحيل أن تتوارد النصوص وتتتابع الآيات والأحاديث على إثبات أسماء الله وصفاته بطريقة ظاهرة واضحة والمراد غير ما دلت عليه حقيقة، ويقصد الله منها أو يقصد رسوله عليه الصلاة والسلام إلى معان مجازية من غير أن ينصب من كلامه دليلاً على ما أراد من المعاني المجازية اعتماداً على ما أودع عباده من العقل وقوة الفكر، فإن ذلك لا يتفق مع كمال علمه تعالى وسعة رحمته وفصاحة كلامه وقوة بيانه وبالغ حكمته، ولأن يتركهم الله دون أن يعرفهم ويعرفهم به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بوحيه، خير لهم وأيسر سبيلا، لعدم وجود المعارض للشبه الباطلة التي زعموها أدلة وبراهين وما هي إلا الخيالات ووساوس الشيطان، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فمن جحد شيئاً من هذه النصوص أو تأولها على معان من غير دليل يرشد إلى ما تأولها عليه فقد ألحد في آيات الله وأسمائه وصفاته وحق عليه ما توعد الله به الملحدين في ذلك بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} فصلت: ٤٠، وقوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} الأعراف: ١٨٠.

وقد زادت السنة عن نصوص الكتاب في إثبات الأسماء والصفات توكيداً وبياناً فقضت على قول كل متأول يحرف كلام الله عن مواضعه، كما فعلت اليهود في تحريفها لكتاب ربها وتلاعبها بشريعة نبيها" (١).


(١) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - (١٤٦ - ١٤٧) بتصرف يسير في البداية.

<<  <   >  >>