للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - بطلان تأويل الصفات فقال: "ومن تأمل كيفية ورود آيات الصفات في القرآن والسنة علم قطعاً بطلان تأويلها بما يخرجها عن حقائقها فإنها وردت على وجه لا يحتمل معه التأويل بوجه" (١).

ومثل على هذا بقوله: " وانظر إلى قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الأنعام: ١٥٨، هل يحتمل هذا التقسيم والتنويع تأويل إتيان الله جل جلاله بإتيان ملائكته أو آياته وهل يبقى مع هذا السياق شبهة أصلاً أنه إتيانه بنفسه. وكذلك قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} النساء: ١٦٣ - ١٦٤، ففرق بين الإيحاء العام والتكلم الخاص وجعلهما نوعين ثم أكد فعل التكلم بالمصدر الرافع لتوهم ما يقوله المحرفون.

وكذلك قوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} الشورى: ٥١، فنوع تكليمه إلى تكليم بواسطة وتكليم بغير واسطة وكذلك قوله لموسى عليه السلام: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} الأعراف: ١٤٤، ففرق بين الرسالة والكلام وإنما تكون الرسالة بكلامه وكذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر في الصحو ليس دونه سحاب وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب) (٢)، والاحتراز ينافي إرادة التأويل. ولا يرتاب في هذا من له عقل ودين" (٣).


(١) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - (ص ١٣٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد برقم (١٨٧٠٨)، والترمذي في كتاب صفة الجنة باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى برقم (٢٥٥٤)، صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (٢٥٥٤).
(٣) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - (ص ١٣٠).

<<  <   >  >>