للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى عليه، وإعلام لأمته وأهل دعوته علو مكانه عند ربه ومحله من خصوصيته ليكون إيمانهم بنبوته واعتقادهم لطاعته على حسب ذلك، وكان بيان هذا لأمته وإظهاره لهم من اللازم له والمفروض عليه.

وأما قوله في يونس - عليه السلام -، فإنه يتأول على وجهين:-

أحدهما: أن يكون قوله: (ما ينبغي لعبد) إنما أراد به من سواه من الناس دون نفسه.

والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاما مطلقا فيه وفي غيره من الناس، ويكون هذا القول منه على سبيل الهضم من نفسه، وإظهار التواضع لربه يقول: لا ينبغي لي أن أقول أنا خير منه، لأن الفضيلة التي نلتها كرامة من الله وخصوصية منه، لم أنلها من قبل نفسي، ولا بلغتها بحولي وقوتي، فليس لي أن أفتخر بها، وإنما خص يونس بالذكر فيما نرى والله أعلم لما قد قص الله علينا من شأنه وما كان من قلة صبره على أذى قومه، وخرج مغاضبا له ولم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ... وهذا أولى الوجهين وأشبههما بمعنى الحديث، فقد جاء من غير هذا الطريق أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما ينبغي لنبي أن يقول إني خير من يونس بن متى) (١) فعم به الأنبياء كلهم، فدخل هو في جملتهم " (٢).


(١) أخرجه أحمد في مسنده برقم (١٧٦٠)، وأبو داود في سننه في كتاب السنن، باب في التخيير بين الأنبياء عليهم السلام برقم (٤٦٧٠)، قال عنه المحقق الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (٣/ ١٩٦).
(٢) من دلائل النبوة للبيهقي (٥/ ٤٩٥ - ٤٩٧) مع تصرف يسير.

<<  <   >  >>