للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هناك منافاة بين نزوله وبين ختم النبوة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث لم يأت عيسى برسالة جديدة، ولله الحكم أولاً وآخراً يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا معقب لحكمه، وهو العزيز الحكيم ... قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١) بعد أن ذكر أحاديث رفع عيسى - عليه السلام - ونزوله آخر الزمان من طرق كثيرة: (فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية أبي هريرة وابن مسعود وعثمان بن أبي العاص وأبي أمامة والنواس بن سمعان وعبدالله بن عمرو بن العاص ومجمع بن جارية وحذيفة بن أسيد - رضي الله عنهم -، وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه ... إلخ" (٢).

ومما سبق من كلام الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله - يتضح منهج أهل السنة والجماعة في ذلك؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وعيسى حي في السماء لم يمت بعد وإذا نزل من السماء لم يحكم إلا بالكتاب والسنة لا بشيء يخالف ذلك والله اعلم" (٣).

هـ - حكم من زعم أن عيسى - عليه السلام - صلب ودفن.

يبين الشيخ - رحمه الله - أن: "من زعم أن عيسى - عليه السلام - صلب أو قتل فهو كافر؛ لمخالفته لصريح القرآن، ولما ثبت من الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " (٤).

قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: "من زعم أنه قُتل أو صلب فصريح القرآن يرد قوله ويبطله وهكذا قول من قال: إنه لم يرفع إلى السماء ... فقوله ظاهر البطلان بل هو من أعظم الفرية على الله تعالى، والكذب عليه، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فإن المسيح - عليه السلام - لم ينزل إلى وقتنا هذا، وسوف ينزل في مستقبل الزمان كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما تقدم يعلم أن من قال: إن المسيح قتل أو صلب ... فقد أعظم على الله الفرية بل هو مكذب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن كذب الله ورسوله فقد كفر، والواجب


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٢٢٦).
(٢) ينظر: فتاوى اللجنة (٣/ ٢٦٦، ٢٩٣،٢٩٩، ٣٠٠، ٣٠١، ٣٠٧،٣٠٨، ٣٢٧، ٣٣٠، ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٤٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٦)، وينظر: أمالي لابن سمعون (١/ ٣٠٥)، فتح الباري (٦/ ٤٩٣)، التصريح بما تواتر في نزول المسيح لمحمد أنور شاه الكشميري الهندي (ص ٥٦) وما بعدها، عون المعبود لمحمد شمس الحق آبادي (١١/ ٣٠٧).
(٤) ينظر: فتاوى اللجنة (٣/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>