للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشعر بالرفع إلى السماء، أي أنه رقد نوماً عميقاً ثم في حال نومه رفعه الله كما شاء فلم يستيقظ إلا بعد ما رفع إلى السماء (١).

والقولان الأخيران أرجح من القول الأول، وبكل فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين أنه - عليه السلام - رفع إلى السماء حياً وأنه لم يمت بل لم يزل حياً في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان، ويقوم بأداء المهمة التي أسندت إليه المبينة في أحاديث صحيحة عن محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه، ومن هنا يعلم أن تفسير التوفي بالموت قول ضعيف مرجوح وعلى فرض صحته فالمراد بذلك: التوفي الذي يكون بعد نزوله في آخر الزمان، فيكون ذكره في الآية قبل الرفع من باب المقدم ومعناه التأخير، لأن الواو لا تقتضي الترتيب، كما نبه عليه أهل العلم (٢).

لوازم القول بموت عيسى:

ذكر الشيخ - رحمه الله - اللوازم التي تلزم من يقول بأن الله أمات عيسى حين كاد له اليهود، فقال: " إن من يقول بإماتة الله لعيسى حين كاد له اليهود إما أن يعترف بنزول عيسى - عليه السلام - آخر الزمان عملاً بما ورد من الأحاديث الصحيحة في ذلك وإما أن ينكر نزوله.

فإن اعترف به لزمه أن يثبت لعيسى موتاً ثم حياة في الدنيا ثم موتاً عند الكيد والرفع ثم حياة ثم موتاً بعد النزول ثم حياة عند البعث، وهذا مخالف بلا دليل لقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)} البقرة: ٢٨، ولقوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١)} غافر: ١١.


(١) وهو ما رجحه الشيخ عبد الله بن جبرين هو أن الوفاة هنا هي النوم أي أن الله رفعه إليه وهو نائم.
ينظر: فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى - عليه السلام - أجاب عنها فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين أمد الله عمره على طاعته ونفعنا بعلمه جمع وتخريج علي العماري (١٤ - ١٥).
(٢) مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - التوحيد وما يلحق به (١/ ٤٣٣)، أضواء البيان (٧/ ١٣٣ - ١٣٥).

<<  <   >  >>