للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المعلوم أن الاعتقاد بأن الموتى يسمعون هو السبب الأقوى لوقوع كثير من المسلمين اليوم في الشرك الأكبر، ألا وهو دعاء الأولياء والصالحين وعبادتهم من دون الله عز وجل ... فإذا تبين أن الصواب بأن الموتى لا يسمعون لم يبق حينئذ معنى لدعاء الموتى من دون الله تعالى (١).

قال ابن عبد الهادي (٢)

في معنى رد الروح للسلام في حديث: (ما من أحد يسلم علي ...): " ... فإن قوله: (إلا ردَّ الله عليَّ روحي) بعد قوله: (ما من أحد يسلم علي ...) يقضي ردّ الروح بعد السلام، ولا يقتضي استمرارها في الجسد، وليعلم أن رد الروح في البدن وعودها إلى الجسد بعد الموت لا يقتضي استمرارها فيه، ولا يستلزم حياة أخرى قبل يوم النشور نظير الحياة المعهودة، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة لا تزيل عن الميت اسم الموت ... بل هي نوع حياة برزخية، والحياة جنس تحتها أنواع، وكذلك الموت، فإثبات بعض أنواع الموت لا ينافي الحياة، كما في الحديث الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ من النوم قال: (الحمد الله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) (٣) " (٤).

عن ابن عمر م: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على قليب بدر فقال: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً) وقال: (إنهم ليسمعون الآن ما أقول)، فذكر ذلك لعائشة فقالت: وهم ابن عمر إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت هو الحق)، ثم قرأت قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} النمل: ٨٠، حتى قرأت الآية.


(١) ينظر: الآيات البينات للشيخ الألباني (١٠ - ١١).
(٢) هو: محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة، أبو عبد الله، سلفي المعتقد، من أعلام المحدثين، وأحد تلامذة شيخ الإسلام ابن تيمية، من مؤلفاته: الصارم المنكى في الرد على السبكي، المحرر في الأحكام، توفي سنة (٧٤٤ هـ).

ينظر: الدرر الكامنة لابن حجر (٣/ ٣٣١)، تذكرة الحفاظ للذهبي (٤/ ١٥٠٨)، شذرات الذهب (٦/ ١٤١)، البداية والنهاية (١٤/ ٢١٠).
(٣) أخرجه البخاري (٥/ ٢٣٢٦)، كتاب الدعوات، باب: ما يقول إذا نام، ح ٥٩٥٣، ومسلم (٤/ ٢٠٨٣)، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، ح ٢٧١١.
(٤) الصارم المنكي (٢١٣ - ٢١٤)، باختصار. وينظر: الروح لابن القيم (١٦٢ - ١٦٣)، وشرح النونية لابن عيسى (١/ ١٦٩ - ١٧٠).

<<  <   >  >>