للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا كره مالك بن أنس رحمه الله لأهل المدينة أن يأتي أحدهم إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما دخل المسجد، وقال: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) " (١).

(ولا تجعلوا قبري عيداً) قال الإمام بن تيمية - رحمه الله -: " العيد اسم ما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائدا ما يعود السنة أو يعود الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك" (٢).

وقال بن القيم - رحمه الله -: العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع الانتساب بالعبادة وبغيرها كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله تعالى عيداً للحنفاء ومثابة للناس كما جعل أيام العيد منها عيدا وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بكعبة ومنى ومزدلفة وسائر المشاعر انتهى (٣).

وقيل العيد: ما يعاد إليه أي لا تجعلوا قبري عيدا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي فظاهره منهي عن المعاودة والمراد المنع عما يوجبه وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم أي لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغنيتم بالصلاة علي (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدا" انتهى (٥).


(١) فتاوى اللجنة (١/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ١٨٩)، وينظر: مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان القاري (٣/ ١١)، شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص ١٦٦)، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله (ص ١٥٧).
(٣) إغاثة اللهفان (١/ ١٩٠).
(٤) ينظر: شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله (ص ٣٠٥)، تيسير العزيز الحميد (ص ٢٨٦)، عون المعبود (٦/ ٢٣).
(٥) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص ٣٠٧).

<<  <   >  >>