للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النساء: ٦٩، وهذه المعية ثابتة في الدنيا، وفي دار البرزخ، وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث.

وقد أخبر الله عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، وأنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وهذا يدل على تلاقيهم، وأما تلاقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات، فشواهد هذه المسألة وأدلتها أكثر من أن تحصر، والحس والواقع شاهد بذلك، وتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تلتقي أرواح الأحياء، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الزمر: ٤٢، فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال: بلغني أن أرواح الأحياء والأموات، تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم، فيمسك الله أرواح الموتى، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها (١)، ويدل على ذلك -أيضا- أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره، ويخبره الميت بما لا يعلم الحي، فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل، وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه، وربما أخبره بدَيْن عليه " (٢).

قال الحكيم الترمذي (٣):

الأرواح تجول في البرزخ فتبصر أحوال الدنيا وأحوال الملائكة تتحدث في السماء عن أحوال الآدميين وأرواح تحت العرش وأرواح طيارة إلى الجنان إلى حيث شاءت على أقدارهم من السعي إلى الله أيام الحياة (٤).


(١) ينظر: تفسير الطبري) ٢٤/ ٩)، وتفسير القرطبي (١٥/ ٢٦٠)، شرح الصدور (ص ٢٦٢)، الآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات للألوسي تحقيق الألباني (ص ١٠٦).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، لفضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله وهو عبارة عن أشرطة مفرغة ضمن الدورة العلمية التي أقيمت بجامع شيخ الإسلام ابن تيمية، موجودة في المكتبة الشاملة (ص ٢٩٩).
(٣) هو: محمد بن علي بن الحسن بن بشر، أبو عبد الله، المشهور بالحكيم الترمذي، من مؤلفاته: ختم الولاية، ونوادر الأصول، وعلل الشريعة وغيرها، توفي سنة (٣١٩ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٤٣٩)، طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ٢٤٥).
(٤) شرح الصدور (ص ٢٤٣).

<<  <   >  >>