للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجمعت الأمة على وقوعها، والتعوذ بالله - عز وجل - منها (١).

وهي عامة لكل ميت مقبور وغير مقبور، وإضافتها للقبر للغالب (٢).

ثانياً: هل يرى أهل البرزخ بعضهم بعضاً:

ويقول الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله -: " ولا نعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً يعتمد عليه، في أن أهل البرزخ يرى بعضهم بعضاً ويتحدث بعضهم مع بعض" (٣).

المسألة من مسائل الغيب التي لا مجال للعقل فيها، ولا حكم إلا للنصوص، وقد وردت الأحاديث في تزاور المؤمنين في قبورهم، والأمر بتحسين الأكفان لموتاهم، لأجل ذلك، وهذا يقتضي أنه يحصل لهم تزاور في قبورهم على هيئة وكيفية، لا علم لنا بها، إنما ذلك في علم الغيب، وأمور البرزخ وأحواله لا تقاس بأحوال الدنيا (٤).

والأرواح - كما بين ابن القيم- قسمان: أرواح معذبة، وأرواح منعمة، فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة، فتتلاقى، وتتزاور، وتتذكر ما كان منها في الدنيا، وما يكون من أهل الدنيا (٥).

"وكل روح تكون مع رفيقها الذي، هو على مثل عملها، فروح نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الرفيق الأعلى، والدليل على تزاورها، وتلاقيها قول الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ڑ}


(١) ينظر: رسالة إلى أهل الثغر للأشعري (ص ٢٧٩).
(٢) ينظر: الروح (١/ ٢٩٩)، وشرح الطحاوية (٢/ ٥٧٩)، وشرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور للسيوطي (ص ١٤٣)، ولوامع الأنوار البهية (٢/ ٩)، جمع الشتيت في شرح أبيات التثبيت للصنعاني (ص ٨٢).
(٣) فتاوى اللجنة (٣/ ٤٥٦).
(٤) ينظر: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة لمحمد بن فرج القرطبي (ص ٧٢)، والمسائل العقدية في فيض القدير للمناوي عرض ونقد (ص ٧٠٥ - ٧٠٧).
(٥) ينظر: الروح (ص ١٧) وما بعدها، وقد أكثر ابن القيم والسيوطي من إيراد الأحاديث والآثار والحكايات على ذلك؛ ينظر: شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور لجلال الدين السيوطي (ص ١٨٢) وما بعدها، والتذكرة (ص ١٥٥)، ومجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٦٨ - ٣٦٩).

<<  <   >  >>