للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبعث ثابت بالأدلة النقلية والعقلية، بأوجه متعددة، وطرق متنوعة، توجب القطع به، والإيمان بحصوله (١)، ولهذا " أجمع أهل الملل عن آخرهم على جوازه ووقوعه" (٢)، ولم يشذ منهم إلا طوائف لا عبرة بها (٣).

قال السفاريني (٤): " اعلم أنه يجب الجزم شرعاً أن الله تعالى يبعث جميع العباد ويعيدهم بجميع أجزائهم الأصلية وهي التي شأنها البقاء من أول العمر إلى آخره، ويسوقهم إلى محشرهم لفصل القضاء، فإن هذا حق ثابت بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة " (٥).

قال الشيخ - رحمه الله - معلقاً على قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)} الواقعة: ٥٨ - ٦٢، "فهذه الآيات، ذكرت لتنزيه الله تعالى وتقديسه عما ظنه به منكرو البعث، وسيقت لإثبات قدرته على المعاد، كما يرشد إليه ما قبلها من الآيات " (٦).

قال الشيخ - رحمه الله -: " يعيد الله سبحانه خلق الناس يوم القيامة من عجب الذنب فينبتون منه سوياً كما ينبت الزرع من الحب، والنخل من النوى، ثم يخرجون من قبورهم حفاة عراة


(١) ينظر: كتاب البعث لابن أبي داود، البعث والنشور للبيهقي، التذكرة (١/ ٢٧٧)، مجموع الفتاوى (٩/ ٢٢٤)، شرح الطحاوية (٢/ ٥٨٩ - ٥٩٧)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ١٥٧).
(٢) المواقف في علم الكلام للإيجي (ص ٣٧٢).
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٨٤، ٢٦٢، ٣١٣ - ٣١٦)، شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٥٨٩)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ١٥٧ - ١٥٩)، واتفاق الشرائع على البعث للشوكاني، واليوم الآخر بين اليهودية والمسيحية والإسلام د. فرج الله عبد الباري (ص ١٢٠).
(٤) هو: محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، أبو العون، أحد علماء الحديث والأصول والأدب، ولد في نابلس من قرى فلسطين، وتوفي بها سنة (١١٨٨ هـ)، له تصانيف عدة منها: غذاء الألباب شرح منظومة الآداب، ولوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية، البحور الزاخرة في علوم الآخرة.
ينظر: الأعلام (٦/ ١٤).
(٥) لوامع الأنوار (٢/ ١٥٧).
(٦) ينظر: مذكرة التوحيد (٢١ - ٢٢).

<<  <   >  >>