للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نخلة في الجنة) (١) رواهما الترمذي في سننه. قالوا: فلو كانت الجنة غير مخلوقة مفروغاً منها لما طلبت امرأة فرعون من ربها أن يبني لها بيتاً فيها، ولما قال - صلى الله عليه وسلم -: (أنها قيعان، وأنها لا تزال يغرس فيها كلما كان التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير من العابدين) (٢).

وأجيب بأن ما ذكرتم دليل على وجود الجنة الآن لا على عدمها إلا أنها لا تزال يخلق الله فيها أنواعاً من النعيم ما ذكره الذاكرون، بل يجدد الله فيها يوم القيامة أنواعا من النعيم فالإنشاء فيها مستمر اليوم ويوم القيامة، والنعيم فيها متجدد أبد الآبدين" (٣).

القول بخلق الجنة والنار ووجودهما الآن مذهب أهل السنة والجماعة قاطبة سلفاً وخلفاً (٤) ومن وافقهم من الأشاعرة (٥) والماتريدية (٦)، وخالف في ذلك الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم (٧) فقالوا بنفي خلقهما ووجودهما الآن.

يقول العلامة ابن أبي العز - رحمه الله -: "اتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، ولم يزل على ذلك أهل السنة، حتى نبغت نابغة من المعتزلة والقدرية، فأنكرت ذلك وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة ... وحرفوا النصوص عن مواضعها، وضللوا وبدعوا من خالف شريعتهم" (٨).


(١) أخرجها الطبراني في المعجم الصغير برقم (١٠٣)، صححه الألباني في شرح الطحاوية (ص ٤٢٣).
(٢) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد برقم (٣٤٢٦) وحسنه، وحسنه كذلك الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (٣٤٦٢).
(٣) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص ١١).
(٤) ينظر: الشرح والإبانة لابن بطة (ص ٢٠٦)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٦/ ١١٨٤)، الحجة في بيان المحجة (١/ ٤٧١ - ٤٧٥)، درء التعارض (٨/ ٣٤٥ - ٣٤٦)، حادي الأرواح (ص ١١)، شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٦١٤ - ٦٢٠)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ٢٣٠).
(٥) ينظر: مقالات الإسلاميين لأبي حسن الأشعري (١/ ٣٤٩)، الإرشاد (ص ٣١٩)، أصول الدين للبغدادي (ص ٢٣٧)، شرح المقاصد (٥/ ١٠٧).
(٦) ينظر: أصول الدين للبزدوي (ص ١٦٥ - ١٦٦)، المسايرة لابن الهمام (ص ٢٤٧ - ٢٤٩).
(٧) ينظر: متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار (ص ١٦٠ - ١٦١).
(٨) شرح الطحاوية (٢/ ٦٤١).

<<  <   >  >>