للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاطبنا بها ربّنا تعالى، ولما أمرنا بتدبر كتابه، كما قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} ص: ٢٩. (١)

فبهذا نعلم أن الواجب الأخذ بظواهر النصوص، وأنه ليس هناك باطن يخالف الظاهر، فالباطن الحق عند السلف موافق للظاهر الحق، وكل معنى باطن يخالف ظاهر الكتاب والسنّة فهو خيال وجهل وضلال (٢).

قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -: " فيستحيل أن تتوارد النصوص وتتتابع الآيات والأحاديث على إثبات أسماء الله وصفاته بطريقة ظاهرة واضحة والمراد غير ما دلت عليه حقيقة، ويقصد الله منها أو يقصد رسوله عليه الصلاة والسلام إلى معان مجازية من غير أن ينصب من كلامه دليلا على ما أراد من المعاني المجازية اعتماداً على ما أودع عباده من العقل وقوة الفكر، فإن ذلك لا يتفق مع كمال علمه تعالى وسعة رحمته وفصاحة كلامه وقوة بيانه وبالغ حكمته، ولأن يتركهم الله دون أن يعرفهم ويعرفهم به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بوحيه، خير لهم وأيسر سبيلا، لعدم وجود المعارض للشبه الباطلة التي زعموها أدلة وبراهين وما هي إلا الخيالات ووساوس الشيطان، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فمن جحد شيئاً من هذه النصوص أو تأولها على معان من غير دليل يرشد إلى ما تأولها عليه فقد ألحد في آيات الله وأسمائه وصفاته وحق عليه ما توعد الله به الملحدين في ذلك بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} فصلت: ٤٠، وقوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} الأعراف: ١٨٠" (٣).

هذه من أهم الخصائص والمميزات التي اتسم بها منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - في طريقته في الاستدلال على مسائل الاعتقاد، ولعله يأتي في المباحث القادمة بيانها بوضوح بإذن الله تعالى.


(١) ينظر: موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة لسليمان الغصن (١/ ٧٢ - ٧٣).
(٢) ينظر: درء التعارض (٥/ ٨٦).
(٣) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - (١٤٦ - ١٤٧).

<<  <   >  >>