للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة- أَي ممنْ هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة فكلُّهم يجب عليه الدخول في طاعته - يهودي ولا نصراني ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار) (١)، فلم يعذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من سمع به، من يعيش في بلاد إسلامية قد سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلا يعذر في أصول الإيمان بجهله" (٢).

العذر بالجهل له اعتبار في مسألة التكفير بالنسبة لمن يغلب عليه التلبس به، كمن أسلم حديثاً، ومن نشأ في البادية ونحوهما.

" لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيهُ أمته، ولا يسع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف بعد ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يقدر بالعقل، ولا بالروية والقلب والفكر، ولا نكفرّ بالجهل بها أحداً إلا بعد انتهاء الخبر إليه به" (٣).

قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} الإسراء: ١٥، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (٥٩)} القصص: ٥٩. وقوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} النساء: ١٦٥، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} إبراهيم: ٤، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} التوبة: ١١٥، وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ


(١) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ونسخ الملل، برقم (٢١٩).
(٢) فتاوى اللجنة (١/ ٧٦٥).
(٣) مختصر العلو للذهبي (ص ١٧٧)، ينظر: إثبات صفة العلو لابن قدامة (ص ١٢٤) تحقيق بدر البدر، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص ١٩٥)، المحلى لابن حزم (١٣/ ١٥١)، خلق أفعال العباد للبخاري (ص ٦١).

<<  <   >  >>