للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التعريف بأهل السنة والجماعة وتميزهم عن الفرق.

أولاً: التعريف بأهل السنة والجماعة:

السنة في اللغة: السيرة والطريقة محمودةً كانت أو مذمومة.

قال ابن فارس - رحمه الله -: " السين والنون أصل واحد مطرد، وهو جريان الشيء واطراده في سهولة، والأصل قولهم: سننت الماء على وجهي أسنُّه سناً، إذا أرسلته إرسالاً ... ومما اشتق منه: السنة، وهي السيرة. وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سيرته" (١).

قال ابن الأثير (٢) - رحمه الله -: " وقد تكرر في الحديث ذكر (السنة) وما تصرف منها، والأصل فيها الطريقة والسيرة" (٣).

أما السنة في الاصطلاح فلها عدة إطلاقات (٤) والذي يهمنا هنا اصطلاح (السنة) حينما يقال: "أهل السنة" في مجال العقائد، خاصة لما حدث الافتراق في الأمة الإسلامية، يقول ابن رجب - رحمه الله -: " وعن سفيان الثوري - رحمه الله - قال: استوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء" (٥)، ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات، ولهذا كان الفضيل بن عياض (٦)

- رحمه الله - يقول: " أهل السنة من


(١) معجم مقاييس اللغة (٣/ ٦٠، ٦١) مادة (سن)، وينظر: الصحاح للجوهري (٥/ ١٢٣٨ - ٢١٤٠)، ولسان العرب (١٣/ ٢٢٠ - ٢٢٨).
(٢) هو: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري ثم الموصلي، ولد سنة (٥٤٤ هـ)، كان فقيهاً محدثاً أديباً نحوياً ورعاً عاقلاً، ذا برِّ وإحسان، توفي بالموصل - رحمه الله - سنة (٦٠٦ هـ)، وله مصنفات بديعة منها جامع الأصول في أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والنهاية في غريب الحديث.
ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ٧)، والسير (٢١/ ٤٨٨)، وشذرات الذهب (٥/ ٢٢).
(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٢٣).
(٤) السنة لها اصطلاحات عدة: فعند المحدثين، ينظر: فتح الباري (١٣/ ٢٤٥)، والسنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للسباعي (ص ٤٧)، ودراسات في الحديث النبوي للأعظمي (١/ ١)؛ وعند علماء أصول الفقه، ينظر: الموافقات للشاطبي (٤/ ٣)، والنهاية لابن الأثير (٢/ ٤٠٩)؛ وعند الفقهاء، ينظر: إرشاد الفحول للشوكاني (ص ٣١)؛ وتطلق في مقابل البدعة، ينظر: الموافقات (٤/ ٤)؛ وقد تطلق السنة على كل ما دل عليه دليل شرعي، ينظر: السنة للسباعي (ص ٤٨)، والموافقات (٤/ ٤ - ٦).
(٥) أحرجه اللالكائي في شرح السنة برقم (٤٩).
(٦) هو: الفضيل بن عياض بن مسعود أبو علي التميمي الخراساني، الإمام القدوة الثبت الزاهد العابد، أحد أعلام التصوف في القرن الثاني الهجري، ولد سنة (١٠٧ هـ) بسمرقند ونشأ بأبيورد، وسكن مكة حتى توفي بها سنة (١٨٧ هـ).

ينظر: سير أعلام النبلاء (٨/ ٤٢١)، وتقريب التهذيب (ص ٤٤٨)، طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي، (ص ٢٢ - ٢٧)، دار الكتب العلمية، ط ٢٠٠٣.

<<  <   >  >>