للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: تميز أهل السنة والجماعة عن بقية الفرق:

قال الشيخ - رحمه الله -: " كان الناس أمة واحدة على الحق بما أودع الله فيهم من فطرة الإسلام، وبما عهد إليهم من الهدى والبيان، فلما طال عليهم الأمد قست قلوبهم، فاجتالتهم الشياطين عن الصراط المستقيم ... إلا أنه سبحانه جرت سنته، واقتضت حكمته، أن يقيض للحق في كل عصر جماعة تقوم عليه، وتهدي الناس إليه، إنجازاً للوعد بحفظ دينه، وإقامةً للحجة، وإسقاطاً للمعاذير، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} الحجر: ٩، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) (١).وفي رواية، قالوا: يا رسول الله! من الفرقة الناجية؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي). وفي رواية، قال: (هي الجماعة يد الله على الجماعة).

وقد تبين من ذلك أن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، وإن شعارها كتاب الله، وهدي رسوله، عليه الصلاة والسلام وما كان عليه سلف الأمة الذين يؤمنون بمحكم النصوص، ويعملون بها، ويردون إليه ما تشابه منها.

وأما الفرق الضالة، فشعارها مفارقة الكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة، واتباع الأهواء، وشرع ما لم يأذن به الله من البدع والآراء الزائفة بناءً على أصول وضعوها، يوالون عليها، ويعادون، فمن وافقهم عليها، أثنوا عليه وقرّبوه، وكان في زعمهم من أهل السنة والجماعة، ومن خالفهم تبرأوا منه ونبذوه، وناصبوه العداوة والبغضاء، وربما رموه بالكفر، والخروج من ملة الإسلام لمخالفته لأصولهم الفاسدة" (٢).


(١) أحرجه ابن ماجة في سننه في كتاب الفتن باب افتراق الأمم برقم (٣٩٩٢)، وابن حبان في كتاب التاريخ، ذكر افتراق اليهود والنصارى فرقا مختلفة برقم (٦٢٤٧)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجة برقم (٣٩٩٢)، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (١٤٢٩).
(٢) مذكرة التوحيد للشيخ (ص ١٠٩ - ١١٦)، وينظر: تعليق الشيخ على تفسير الجلالين (ص ٩٣)، تعليق الشيخ على الإحكام (٤/ ١٢٩)، فتاوى اللجنة (٢/ ٢٩٢ - ٢٩٣).

<<  <   >  >>