للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان، ولا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟

فتفكر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنا واصل، فسمي هو وأصحابه معتزلة (١).

وقد كان السلف يردّون على أقوالهم، وما المواقف التي اتخذها السلف أيام محنة القول بخلق القرآن إلا صورة عظيمة من صور التحدي والوقوف في وجه ترويج هذه الفرقة لمذهبها بين الناس، وبخاصة موقف الإمام أحمد: الذي كان موقفه حقيقاً بأن يجعله إماماً لأهل السنة والجماعة في ذلك العصر وبعده (٢).


(١) ينظر: الملل والنحل (١/ ٤٢)، الفرق بين الفرق (ص ١١٨)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٦٤).
(٢) ينظر: البداية والنهاية (١٤/ ٣٩٣ - ٤٠٥).

<<  <   >  >>