بما يستفيد من علمه، ومن ناظره في علم فبالسكينة والوقار وترك الاستعلاء، فحسن التأني وجميل الأدب معينان على العلم، ونعم وزير العلم الحلم، وما أولى بالعالم صيانة نفسه عن كل دناءة وعيب، وإن لم يكن مأثمًا.
وإن أولى الناس بالمروءة والأدب وصيانة الدين ونزاهة الأنفس لذوو العلم؛ وحقيق على العالم أن لا يخطو خطوة لا يبتغي بها ثواب الله، ولا يجلس مجلسًا يخاف عاقبة وزره، فإن ابتلى بالجلوس فيه، فليقم لله عز وجل بواجب حقه في إرشاد من استحضره ووعظه، ولا يجالسه بموافقته فيما يخالف الله عز وجل في مرضاته، ولا يتعرض منه حاجة لنفسه، ولا أحسبه، وإن قام بذلك، ينجو ولا يسلم فيما بينه وبين الله عز وجل. ومن إجلال الله، عز وجل، إجلال العالم العامل، وإجلال الإمام المقسط. ومن شيم العالم أن يكون عارفًا بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظًا للسانه، متحرزً من إخوانه، فلم يؤذ الناس قديمًا إلى معارفهم، والمغرور من اغتر بمدهم له، والجاهل من صدقهم على خلاف ما يعرف من نفسه.
والله سبحانه وتعالى المسؤول في أن يوفقنا للإقبال على امتثال مأموراته، والإحجام عن ارتكاب محظوراته، ويلهمنا ما يقر من أجره وثوابه، ويباعد من سخطه وعقابه بمحمد وآله.
ولنختم الكتاب بالصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
آخر السفر الثاني من كتاب عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وهذا آخر الديوان والحمد لله على تيسيره كثيرًا والصلاة التامة على محمد رسوله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا موصولاً.
وفرغ منه ناسخة الفقير لرحمة مولاه: علي بن محمد بن علي بن فرج القيسي نفعه الله تعالى به في أواخر ذي قعدة من سنة ست وأربعين وستمائة هـ والحمد لله الذي بعمته تتم الصالحات.