ويطيل الوقوف للدعاء، فقد روي عن القاسم وسالم أنهما كانا يقفان قدر ما يقرأ ما الرجل السريع سورة البقرة.
ثم يمضي إلى الجمرة الوسطى، ويرميها كذلك، فإذا قضى رميها انصرف عنها ذات الشمال في بطن المسيل، فيقف أمامها مما يلي يساره، ووجهه إلى البيت، فيفعل في الوقوف والذكر والدعاء كفعله عند الجمرة الأولى. واختار ابن حبيب أن يكون وقوفه دون الوقوف الأول، لفعل ابن مسعود.
ثم يمضي إلى الجمرة القصوى، وهي جمرة العقبة، فيرميها كذلك، إلا أنه يرميها من أسفلها في الأيام الأربعة، يقف ببطن الوادي فيستقبلها، والبيت عن يساره ومنى عن يمينه، ولا يقف عندها للدعاء والذكر، كما فعل في اللتين قبلها، فتلك السنة.
ويستحب أن يأتي بالجمار في الأيام الثلاثة ماشيا ذاهبا وراجعا، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليعلن الحاج بالتكبير أيام منى، ويذكر الله فيها، ويعاود ذلك وقتا بعد وقت إلى انقضائها، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر أول النهار، ويكبر الناس بتكبيره، ثم يكبر إذا ارتفع النهار كذلك،
ثم يكبر إذا زالت الشمس كذلك، ويكبر الحاج حتى ترتج منى بالتكبير، حتى يبلغ ذلك مكة، وبينهما ستة أميال. ثم يكبر بالعشي كذلك أيام منى كلها.
الفرع الثاني: قال القاضي أبو محمد: " ما يفعل بمنى من رمي ونحر وحلاق، فلا شيء في تقديم بعضه (على بعض)، إلا تقديم الحلاق على الرمي ففيه دم ". وقال الشيخ أبو الطاهر:" إن ابتدأ بالنحر قبل الرمي فالمذهب سقوط الفدية، وإن ابتدأ بالحلق قبل الرمي، فقولان، سقوط الدم، ووجوبه ". قال:" والمشهور الوجوب ". وإن ابتدأ بالحلق قبل النحر، ففي سقوط الفدية ووجوبها قولان لمالك وعبد الملك. وإن ابتدأ بالإفاضة قبل الرمي، فقد تقدم حكم ذلك.
[الفصل العاشر: في طواف الوداع]
ويسمى طواف الصدر، وهو مشروع إذا لم يبق شغل، وتم التحلل، وعزم على الانصراف، فإن عرج بعده على شغل خفيف، كما لو باع أو اشترى بعض حوائجه، لم يعده.