قال القاضي أبو الوليد:"ولعل هذا فيمن ليس من أهل الاجتهاد والعلم، فأما من كان من أهل العلم والاجتهاد، فالصواب أنه لا حد عليه إلا أن يسكر منه". قال:"وقد جالس مالك سفيان الثوري وغيره من الأئمة ممن كان يرى شرب النبيذ مباحًا، فما أقام على أحد منهم الحد، ولا دعا إليه، مع إقرارهم بشربه، وتظاهرهم به، ومناظرتهم (عليه").
ولا يجب على المكره، ولا على من شرب لاضطراره إليه في إساغة الغصة، إذ يجوز له ذلك على الخلاف المتقدم.
ولا يجوز التداوي بالخمر: ولا بالأعيان النجسة. وأما الدواء الذي فيه الخمر فقال القاضي أبو بكر:"تردد في ذلك علماؤنا"، قال:"والصحيح أنه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنها ليست بدواء، ولكنها داء".
ثم يجب الحد بشرب النبيذ المسكر جنسه وإن قل المشروب منه. ومن شرب المسكر على ظن أنه شراب آخر غير مسكر، فلا حد عليه، وإن سكر وهو كالمغمى عليه. ولا يحد الشارب ما لم يظهر الموجب للقاضي بشروطه، ويظهر ذل ك بشهادة رجلين أو إقراره، ويلحق بذلك إن شم منه رائحة المسكر ويشهد بها من يتيقنها ممن كان شربها في حاله كفره أو فسقه، ثم تغيرت حاله إلى الإسلام والعدالة. وقد يعرف كثير من الأشياء بالرائحة، مثل الزنبق والخيري والبان وزيت الزيتون، وكل ما ثبتت معرفته بالروائح، ولولا ذلك لم يجب على سكران حد أبدا، لعله سكران من علة أو من غير شراب إذا كان الشراب لا تعرف رائحته، والخل والخمر لا يعرفان إلا برائحتهما لأن لونهما واحد (و) يشتبهان. وقد حكم بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقبل فيه شهادة العدول على الرائحة. وهو قول عائشة وابن مسعود.
ثم يكفي في الشهادة أن يقول الشاهد: شرك مسكرًا، أو شرب شرابًا شربه غيره فسكر.
النظر الثاني: في الواجب، وهو ثمانون جلدة، وتيشطر بالرق. وكيفية [الجلد] أن