هذا إن فقأهما في فور واحد، وأما إن فقأ واحدة بعد أخرى، فإن بدأ بالمعدومة له فعليه خمس مائة دينار مع القصاص، وإن بدأ بالتي هي باقية له فعليه مع القصاص ألف دينار لأنها عين ليس لصاحبها سواها.
الفن الثاني في حكم القصاص الواجب، وفيه بابان:
الباب الأول: في الاستيفاء، وفيه ثلاثة فصول:
[الفصل الأول: فيمن له ولاية الاستيفاء]
إذا كانوا جماعة فهو لجميعهم على فرائض الله تعالى. فإن كان فيهم نساء، فاختلف في دخولهن فيه، فروي أنه لا دخول لهن فيه، وروي أنهن يدخلن إذا لم يكن في درجتهن عصبا. ثم إذا فرعنا على دخولهن فهل في العفو دون القود، أو في القود دون العفو؟ روايتان أيضًا. وإن كان في المستحقي غائب انتظر وكتب إليه، إلا أن تطول غيبته جدًا، أو ييئس منه كالأسير بأرض الحرب وشبهه فلا ينتظر، ولمن حضر القتل. وإن كان فيهم صغير فقال عبد الملك: ينتظر. وقال ابن القاسم: لا ينتظر. وقال سحنون: إن كان مراهقًا أو قريبًا من المراهق انتظر، وإن كان دون ذلك فلا ينتظر.
وإذا اجتمع مستحق النفس ومستحق الطرف، وطلبا القود، قتل ولم تقطع يده. وكذلك لو قطع يد شخص ثم قتله، قتل به ولم يقطع به، إلا أن يكون قصده التمثيل به بذلك فيفعل به كما فعل.
ولا ينبغي للمستحق أن يستقل بالاستيفاء دون الرفع إلى السلطان، فغن فعل عزره ووقع الموقع، والسلطان يفوض إليه القتل. وقال أشهب: لا يتولى القتل بنفسه مخافة أن يتعدى فيقطع يده. وأجرة من يستوفي القصاص في الجراح والغبانة، والقتل عىل المستحق، إذ الواجب على الجانب التمكين.
وحكى الشيخ أبو إسحاق قولاً بإيجابها على الجانب، ثم اختاره وعلله بأن الحق عليه وعليه الخروج منه، فرأى أن الواجب عليه التمييز، ورأى في المشهور أن الواجب عليه إنما هو التمكين لا غير.