ولا خفاء بأن الميتة تباح في حال الضرورة، ولكن النظر في حد الضرورة وحد المستباح وجنسه، وحد الضرورة: أن يخاف على نفسه الهلاك.
ولا شك أنه لا (يشترط أن) يصبر حتى يشرف على الموت، فإن الأكل بعد ذلك لا ينعش، والظن كالعلم ها هنا كما في المكره على الإتلاف.
أما قدر المستباح، فلا يتقدر بسد الرمق، بل يشبع ويتصلع. وإن خاف العدم فيما يستقبل، تزود منها. فإن وجد عنها غنى طرحها. وقال ابن حبيب وابن الماجشون: إن كانت المخمصة دائمة تزود وشبع، وإن كانت نادرة وقعت له اقتصر على سد الرمق.
وأما جنس المستباح، فكل ما يرد عنه جوعاً أو عطشاً فيدفع الضرورة أو يخففها، كالأطعمة النجسة والميتة من كل حيوان غير الآدني، وكالدم وشر بالمياه النجسة وغيرها من المائعات سوى الخمر، فإنها لا تحل إلا لإساغة الغصة، على خلاف فيها. فأما الجوع والعطش فلا؛ إذ لا يفيد ذلك، بل ربما زادت العطش، وقيل: تباح، فإنها تفيد تخفيف ذلك على الجملة ولو لحظة. وقال الشيخ أبو بكر: إن ردت الخمر عنه جوعاً أو عطشاً شربها، واختاره القاضي أبو بكر.
فأما التداوي بالخمر، فالمشهور من المذهب أنه لا يحل. قال القاضي أبو بكر:((ولا يأكل ابن آدم، (وإن مات). ((قاله علماؤنا)).
فروع: الأول: إذا ظفر بطعام من ليس مضطراً، فيطلبه منه بثمن في ذمته ويظهر له حاجته إليه، فإن أبى استطعمه، فإن أبى أعلمه أنه يقاتله عليه، فإن امتنع غصبه منه، فإن دفعه