قال الإمام الأكمل جلال الدين أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس وفقه الله وسدده وغفر له ولجميع المسلمين:
الحمد لله الذي فضل العقلاء بالعلم على سائر مخلوقاته، وجعل منازلهم في الفضل بحسب تفاوتهم في درجاته، وشرف على سائر أنواعه ما بعث به رسله وأنبياءه، وأعظم على من جعل ذلك كسبه نعمه وآلاءه، ورفع بعض العلماء على بعض، وفي فهم ما تضمنه آي الكتاب العزيز وصحيح الروايات، من الحث على القربات، والزجر عن الموبقات، والإذن في المباحات، والصلاة [والسلام] على أفضل رسله، محمد وعلى [آله] وأصحابه، أولي الرتب السنية والدرجات.
أما بعد، فهذا: تاب بعثني على جمعه - في مذهب عالم المدينة إمام دار الهجرة أبي عبد الله [مالك] بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارثي بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح بن حمير بن سبأ، رضوان الله عليه - ما رأيت عليه كثيرا من المنتسبين إليه في زماننا، من ترك الاشتغال به والإقبال على غيره، حتى لقد صار ذلك دأب كثير ممن يرى نفسه، أو يرى، من المتميزين، وجل من يعد من حذاق المتفقهين، ولم [أسمع] من أحد منهم، ولا بلغني [عنه] أنه كره منه سوى تكريره وعدم ترتيبه، حتى اعتقد بعضهم أنه لا] مكن ترتيبه، بل يشق ويتعذر، ولا تنحصر مسائله تحت ضوابط، بل تتباين وتتبتر، فصرفهم عدم اعتناء أئمة المذهب بترتيبه عن استفادة ما اشتمل عليه من تحقيق المعاني