فرع: ولا تشترط الخلطة في جميع الحول، بل يكفى اختلاطها في آخره.
واختلف في تقدير ذلك بمدة، وفي قدرها على القول بها، فقال القاضي أبو محمد:" إذا لم [يقصد] الفرار زكاها الساعي على ما يجدها عليه من اجتماع أو افتراق، ويقبل قول أربابها؛ لأن الظاهر أنهم يفعلون ذلك للارتفاق بالفرقة والاجتماع، فيجب إلا يخالف ما ظهر ويصار إلى خلفه إلا بأمارة تقوي التهمة ". وروى ابن القاسم في الكتاب:" إذا كان ذلك قبل الحول بشهرين وأقل، فهم خلطاء "، وذكر أنه لم يسأل عن أقل عن ذلك، ثم قال:" وأنا أرى أنهم خلطاء في أقل من الشهرين ما لم يتقارب الحول، ويهربان فيه إلى أن يكونا خليطين فرارا من الزكاة "، وما يرى أنه نهى عن مثله في حديث عمر بن الخطاب. وقال ابن حبيب: أدنى ذلك الشهر، وما كان دون الشهر لم يجز لهما اجتماع ولا افتراق. وقال محمد بن المواز: إن اجتمعا أو افترقا فيما دون الشهر فجائز ما لم يقرب جدا، ويكن الساعي قد أظلهما.
هذا كله إن كان ما وجدا عليه من اجتماع أو افتراق منقصا من الزكاة، فإن لم يكن منقصا، فلا يتهمان عليه، بل يزكي المال على ما يوجد عليه، ولا تأثير للخلطة في شيء من أموال الزكاة سوى النوع المتحد من الماشية.
[الفصل الثاني: في التراجع]
وإذا أخذ الساعي من المال ما يجب فيه، رجع المأخوذ منه بقيمة حصة شريكه، وهل تعتبر القيمة يوم الأخذ أو يوم الأربعاء؟ قولان لابن القاسم وأشهب، مأخذهما أنه كالمستهلك أو كالمتسلف.
وكذلك لو تأول الساعي، فأخذ بكون المجموع نصابا، وإن كان كل ملك ناقصا عنه لتراجعا أيضا، فلو كان أحد المالين نصابا والآخر دونه، فأخذ الساعي شاتين متأولا، فإن كان المال الناقص عن النصاب هو الموجب لأخذ الثانية بالتأويل، فإنها يتراجعان في الشاتين جميعا على قدر ماليهما. وقيل: الواحدة على رب النصاب، ويتراجعان في الأخرى على قدر المالين. وإن كان المال الناقص لم يضره في أخذها لم يكن على صاحبه شيء.
وما أخذه المصدق من المال مع علمه بأنه لا يجب ولم يتأول فيه فهو ممن أخذ من غنمه، لا يرجع على صاحبه منه بشيء.