وقال القاضي أبو محمد:((لا ينفك حجر عن محجور عليه بحكم أو بغير حكم إلا بحكم الحاكم)).
الحكم الثالث: حبسه إلى ثبوت إعساره.
وفي الكتاي: قال (مالك): لا يحبس الحر ولا العبد في الدين ولكن يستبرأ أمره، فإن اتهم بأنه قد حبأ مالاً أو غيبه حبسه، فإن لم يجد له مالاً ولم يخبئ شيئاً لم يحبسه وخلى سبيله، إلا أن يحبسه قدر ما يتلوم به من اختياره ومعرفة ماله، أو يأخذ عليه (حميلاً).
وللقاضي إطالة حبسه إن ظهر عناده بإخفاء المال.
قال مالك في رواية ابن القاسم ومطرف: وإذا تبين لدده حبسه، مثل أن يتهم بمال أخفاه، ومثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال الناس، ثم يقولون: ذهبت، ولا يعرف ذلك، والرجل في السوق وفي موضعه لا يعلم أنه سرق له شيء ولا احترق منزله ولا أصيب بشيء، فهؤلاء يحبسون حتى يوفوا الناس حقوقهم أو يتبين أنه لا شيء لهم فيطلقهم ولا يلازمهم أحد.
قال مالك في الدين يتفالسون ويقولون: ذهب لنا، ولا يعرف ذلك، فإنهم يحبسون، وإن شهد ناس: أنه لا شيء لهم، فهذا لا يعرف ولا يعجل سراحهم حتى يستبرأ أمرهم.
قال في كتابي محمد وابن حبيب: وأرى في الذين يتفالسون في السوق، ولا يعرف ما يأتون به أن يخرجوا من السوق.
وقال عنه مطرف: فإنه لا يزال يفعل ذلك الرجل منهم، ثم يظهر له مال ومتاع فلينف هؤلاء من السوق.
فأما من حبس للاستبراء من التهمة أو للجهل بحاله، فإن أقام بينة على إعساره خلي في الحال، وانظر إلى ميسره، ويشهد من يخبر باطن حاله.