يشترط في الوقف إعلام المصرف، بل لو قال: وقفت، ولم يعين له مصرفاً، صرف إلى الفقراء، قاله مالك في الكتاب. وقال القاضي أبو محمد: "يصرف في وجوه الخير والبر".
ومهما شرط الواقف في تخصيص الوقف أو إجارته أو مصارفه اتبع شرطه، فلو شرط تخصيص المدرسة أو الرابط أو المقبرة بأصحاب مذهب مخصوص، أو بأقوام مخصوصين لزم واتبع. ولو اشترط ألا يؤاجر الوقف، صح واتبع الشرط. ولو قال: على ألا يؤاجر إلا سنة سنة، أو شهراً شهراً، أو يومًا يومًا أو ما زاد على ذلك أو نقص، صح واتبع شرطه
ولو قال: حبست على زيد وعمرو، ثم على المساكين بعدهما، فمات أحدهما، فإن كان ذلك الشيء الموقوف مما ينقسم ويتجزأ كغلة دار أو غلة عبد أو ثمرة، في حصته بعد موته للمساكين، وإن كان مما لا ينقسم كالعبد يختدم والدابة تركب، ففيها روايتان:
إحداهما: أنه كالذي ينقسم، ترجع حصة الميت إلى الوجه الذي بعده.
والأخرى: أنها ترجع على الحي منهما، فإذا انقرضا صارت إلى الوجه الذي بعدهما.
الباب الثاني: في حكم الوقف الصحيح، وفيه فصلان:
[الفصل الأول: في أمور لفظية]
وهي تشتمل على مقتضى ألفاظ الواقف التي يعبر بها عن الموقوف عليهم، كالولد والعقب وغيرهما. ولنفرد كل لفظ منها ونبين حكمه.
فأما لفظ الولد ففيه خمس مسائل:
المسألة الأولى: إذا قال: وقفت على ولدي أو أولادي، فهو يتناول ولد الصلب وولد الذكور منهم دون ولد الإناث، ويؤثر البطن الأعلى. وقال المغيرة: بل يسوي بين الجميع.
المسألة الثانية: إذا قال: وقفت على ولدي وولد ولدي، أو على أولادي وولد أولادي. فروي في المجموعة أنه لا يدخل ولد البنات في ذلك لأنهم من قوم آخرين.
قال القاضي أبو الوليد: "قال أبو عبد الله بن العطار: هذا قول مالك. وكانت الفتوى عندنا، يريد بقرطبة، أن ولد البنات يدخلون في ذلك، وقضى به محمد بن إسحاق بن السليم بفتيًا أكثر من كان في زمانه.
المسألة الثالثة: إذا قال: وقفت على ولدي وأولادهم، أو على أولادي وأولادهم، فالخلاف في دخولهم أيضًا. وأولى بدخولم ههنا.