والعقود التي تفيد الأمن للكفار ثلاثة: الأمان: وقد تقدم ذكره، والذمة والمهادنة، وهما مقصود الكتاب.
العقد الأول: عقد الذمة، والنظر في أركانه وأحكامه، وأركانه خمسة:
الركن الأول: نفس العقد، وهو التزام تقريرهم في دارنا وحمايتهم والذب عنهم، بشرط بذل الجزية، والاستسلام من جهتهم.
وينبغي أن يعين مقدار الجزية، ويقبلوا ذلك، فإن لم (يذكر) مقدار الجزية نزلوا على مقدار جزية أهل العنوة، وهي ما قدره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على ما نبين فيما بعد.
وإذا وقع العقد فاسدا فلا نعتالهم، لكن نلحقهم بالمأمن.
ولو دخل كافر دارنا ثم قال: دخلت بأمان، فإن أشبه ما قال صدق، وإن لم يشبه رأى فيه الإمام رأيه، كما في سائر الأسارى، وليس لمن وجده فيه شيء.
الركن الثاني: العاقد وهو الإمام ويجب عليه، إذا بذلوه ورآه مصلحة، إلا أن يخاف غائلتهم. ولو عقده مسلم بغير إذن الإمام لم يصح، ولكن يمنع الاغتيال.
الركن الثالث: فيمن (يعقد) له، وهو كل كافر ذكر بالغ حر قادر على أداء الجزية، يجوز إقراره على دينه ليس بمجنون مغلوب على عقله، ولا بمترهن منقطع في دير.
قال القاضي أبو الوليد:" (" هذا ظاهر مذهب مالك "، قال: وقال عنه القاضي أبو الحسن: " إنه استثنى القرشي في ذلك "). وقال ابن الجهم: تؤخذ الجزية من كل من دان بغير إسلام، إلا ما أجمع عليه من كفار قريش. وذكر في تعليل ذلك أنه إكرام لهم عن الذلة.